مدونة محمد كريم الساعدي


القصديتان (الدينية والفلسفية) وثنائيات المنظومة الغربية / الجزء الثاني

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


22/07/2023 القراءات: 432  


لقد عمل تشكيل الانحراف والتشوية للصورة المحمدية أنطلاقاً من هذه الظاهرة التشويهية في داخل العقلية السلطوية الغربية ضد الآخر ،التي كانت جزء منها العقلية الدينية الغربية ، كان هدفها الهيمنة الثقافية ،ودعم ما يمكن أنّ يقدم للثقافة الأخرى الأكثر تقدماً ووعياً من الثقافات المحلية التي تحكمها العقليات الهمجية ، والشهوانية التي لا تراعي حقوق الإنسان والأقليات وغيرها في الشرق ، ومن ثم عملت هذه الثقافة المتعالية على أنتاج بديل للحقيقة المحمدية وهي صور مشوهه قابلة للتطبيق ، وما (داعش) ومثيلاتها إلا صناعة لهذه العقلية الغربية وصورة مهمة للتصوير المحرف والمشوه لشخصية الرسول الكريم محمد (ص) الذي حاول العقل الغربي تسويقها داخلياً كما قلنا لأجل التخويف الداخلي للشعوب الغربية ، وكذلك لأجل تثبيت هذه الصفات في الذهنية الغربية من جهة ، ولأجل التسويق الخارجي وفصل الشخصية الشرقية المسلمة في الوقت الحاضر عن ثقافتها الاصلية ، التي عمل الغرب على تشويهها بكل جهد و اصرار وتقصد في هذا الاتجاه .
إنَّ الخطاب الثقافي الغربي الموجه الى الداخل و الخارج في رسم صورة الرسول محمد(ص) بهذه الطريقة هي تأتي من أجل بناء مركزية حتى تصبح جزء من ميتافيزيقية البناء العقلي الغربي الجمعي وجزء من ذاكرة تُحفز متى يشاء من يقوم على تحفيز هذه الصورة ، لذا فإن حضورية تشوية الصور الذهنية في العقل الغربي في الوقت الحالي هي امتداد طبيعي لآفاق التشوية السابقة ، وكأنها كونت قوالب جاهزة في وصف الآخر ،وحتى البعض من أبناء الشرق المسلم أخذ يصدّق بهذه الصور ،وخصوصاً ممن يرى بالثقافة والحضارة الغربيتين قاعدتين مهمتين في بناء الفرد ، دون أنّ يدقق بمدى مصداقية هذه الصور ، في تقيم موضوعي يفصل بين الحضارة الغربية ،ومنجزاتها المادية ، وبين النوايا التي تحاول أنّ توظفها في تشكيل ثقافة الآخر وبناء صورته كون كل من الحالتين منفصلتين ، ولابد من الفرد في الشرق أن لا يتأثر بالحضارة الغربية فكرياً كونها متقدمة ماديأً من دون أنّ يكون لي خصوصية ثقافية أتعامل بها مع هذه الحضارة ، حتى لا الغي هويتي الخاصة ،ومن ثم الغي ثقافتي وأهم الشخصيات التي شكلت واقعي ،ومن أهمها هي شخصية الرسول الكريم محمد (ص) ، حتى لا أقع في التناقض ، فالحضارة الغربية بمنجزاتها المادية نستطيع أن نتواصل معها كون أغلب المنجزات تخدم الإنسانية ككل ، لكن تبقى عملية التغيير الثقافي قابلة للنقاش، والتساؤل حول أهم المقاصد التي يريدها العقل الغربي وهيمنته الثقافية من الآخر المختلف ثقافياُ ، فتصوير أهم الرموز بصور مشوهه هو مخالفة فاضحة وأشاره دالة على سلوك الهيمنة الثقافية وتشويه ما في كتابه المقدس أيضاً مخالفة فاضحة ، فلا بد أن يستوعب المندمج مع الحضارة الغربية هذا الفرق بين المنطلقين ، حتى لا تصبح ذاكرتنا الجمعية مساهمة بظاهرة التشويه لشخصية الرسول (ص) ، وحتى لا نصبح مدانين من قبل رسولنا الكريم بجزء من أذيته ، كما قال في الاشارة الى الأذية التي تعرض لها ومازال يتعرض لها ، وهي اكبر عملية تشويه يتعرض لها على مر التاريخ.
إنّ هاتين الركيزتين (الفلسفة والدين) ساهمتا بشكل مؤثر في تثبيت الأوصاف ، حتى أصبحت هذه الأوصاف من المرجعيات التي يرجع اليها من يريد تأكيد هذه الصور ،وأثارتها في أي وقت ضد الآخر المسلم . يساعدهم في ذلك ما يوفره الآخر من تطبيقات لهذه الصور المشوهة في أزمان مختلفة من الصراع بين الحضارتين الغربية والشرقية ، والشواهد كثيرة ومنها ما وصلت إليه في الوقت الحاضر حركات التطرف الاسلامي التي أصبحت مساعدة للنوايا الغربية في تثبيت هذه الصور المختلقة عن الرسول (ص)، لذا يجب أن يصبح فضح وفصل هذه التطبيقات عن هذه الشخصية العظيمة من خلال العودة الى الصورة الحقيقية التي حفظها لنا بعض الثقاة ممن كتب التاريخ بصورة صحيحة .


الدين ، الفلسفة ، الغرب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع