التربية التعويضية : الانعكاسات النفسية والتربوية على الصحة النفسية للابناء
19/01/2025 القراءات: 12
المفهوم الشائع عن التربية التعويضية هو : عندما يتعرض الآباء والأمهات فى طفولتهم إلى نوع من الحرمان فهم يقومون بتعويض أبنائهم بالتدليل الزائد كنوع من التعويض لما عانوه فى الصغر، وإذا كان التدليل الزائد هو أحد أنماط أخطاء التربية حيث يوصي الخبراء في الصحة النفسية بالاعتدال طبقاً لمبدأ " فلا تفريط ولا إفراط" نستعرض في المقال الحالي أنماط عدة من التربية التعويضية غير الشائعة و التي يجب الحذر من الوقوع فيهاعند تربية الأبناء نذكر منها :
1- تعويض غياب شريك الحياة بالوفاة أو الطلاق :
لا شك أن عيش الطفل في احضان والديه يعزز الصحة النفسية وخاصة إذا كانت الاسرة متماسكة يسودها الأمن العاطفي والتربوي ، لذا تعد حالات انفصال الوالدين بالطلاق أو حالات وفاة أحد الوالدين والأطفال مازالوا في سن التكوين زلازل يحدث صدمة نفسية للكبار قبل الصغار ويدخل الاسرة في حياة مليئة بالضغوطات النفسية فاذا لجأ القائم بالوالدية على تكريس نمط تلبية احتياجات الطفل المبالغ فيه كتعويض له عن فقد الشريك ، فقد وقع في خطأ التربية التعويضية وكانت العواقب وخيمة حيث ينشأ هذا الطفل لا يري في العالم سوى أفراد عليهم تلبية احتياجاته هو فقط " التمركز حول الذات " هذا الاضطراب يعد السبب الرئيسي في تكوين الشخصية النرجسية والشخصية الهسترية و الشخصية السيكوباتية ، حيث خلل العلاقات الاجتماعية عرض رئيسي في هذه الاضطرابات الشخصية لان الاكثار من تلبية طلبات الاطفال يؤدي إلى عدم اكتمال تطورهم النفسي والاجتماعي والادراكي وعدم القدرة على تحمل الإحباط والنقمة عند حدوث نقص حتى لو كان بسيط ، وعدم القدرة على تحمل المسؤلية ولذا نوصي بتدريب الأطفال على تحمل الاحباطات والضغوط وفن التعامل مع صعوبات الحياة فليس كل ما يطلبه المرء يدركه ، وأن بعض الإحباط قد يكون أحد أسباب النجاح في الحياة وليس التعويض أو الحماية المبالغ فيها للطفل .
2- ما عجزت أنا عن تحقيقه تكون أنت فاعلة لي في الحياة
من أجمل الأشياء في الحياة أن يحقق الشخص ذاته ويكون مستقراً في أهدافة الشخصية ويعمل على التحقق بالنجاح الشخصي لكن أن يعيش محققاً للاهداف الإباء المحبطة مما يخلق لديه صراع نفسي يمزقه بين حيرة إرضاء الذات أو إرضاء الوالدين ، ويتحول عالمه النفسي إلى عالم تعويضي يتسم بالتناقض الوجداني حيث ازدواجيه الحب / الكراهية ، لذا يفضل القيام بتدريب الأطفال على الاستقلالية في الحياة وأن تكون التربية قائمة على الاختيار الحر للهدف الشخصي والسعي لتحقيق النجاح بأدارة للذات الواقعية " حقوق واجبات مع إدراك للعواقب وتحمل مسؤوليات الاختيارفي حالات النجاح أو الفشل " وتجنب نمط التدخل القهري في اختيارات الأبناء .
3- التعويض عن الضرر النفسي المتوقع أو المتخيل .
الحياة مليئة بالاحداث القدرية التي يصعب تغييرها أو تفاديها على سبيل المثال ميلاد طفل ذو احتياج خاص أو مرض مزمن فيعيش الإباء عالم الإحساس بالذنب المبالغ فيه عن الحدث القدري وبالتالي اللجوء الى تربية التعويض حيث يسود عالم الضحية الأولية " الوالدين " وعالم الضحية الثانوية " الطفل " وتصبغ حياة الاسرة بسلسلة من السلوكيات الشعورية واللاشعورية لمحو الشعور بالنقص وتعويض الاحتياجات وبالتالي غياب مبادئ الصواب والعقاب وإجراءات ضبط السلوك لدى الطفل واستخدام المبررات المبالغ فيها كمسببات للخطأ السلوكي الصادر عن الطفل ، ويستبدل التعامل الإيجابي مع الموقف القدري أو الابتلاء إلى نمط حياة سلبية تعويضية بمختلف الاشكال ،وتصبح حياة الابن وسيلة دفاعية يلجأ اليها الإباء بهدف إزالة أي توتر متوقع أو متخيل منهم هم فقط فيتعلم الطفل بالنمذجة تعويض الشيء المفقود بدلاً من استثمار نقاط القوة والايجابية ، فقد اكتسب هذا الطفل الصورة الذهنية للعجز عبر الوالدين اللذان جسدا وعي الضحية فحلت محل وعي التوازن بين نقاط القوة والضعف ، فيصاب الطفل بمتلازمة الضئيل لذا نوصي بتدريب الأطفال على التفكير الإيجابي في حل مشكلات الحياة والبحث عن الفرص رغم العوائق وتحويل المحن لمنح ذات معني في حياة الانسان ، فالألم قد يكسرآحيانا ولكنه قد يصنع مجداً آحيانا اخري ، لذا يفضل الابتعاد عن تربية الاستثناءات " منح الطفل حق الاستثناء مقارنة بالاخرين " وإعطاء الطفل حق المحاولة النشطة في ضوء مبدأ أصنع الأفعال قدر ما تستطيع ثم أطلب المساعدة عندما تقف حيث سقف الاستطاعة قد تحقق لك بدلاً عن تقديم المساعدة المفرطة والحماية الزائدة .
4- تربية نوازع الهوي الاستهلاكية الكمالية
حيث التنفيذ الفوري للرغبات المادية أوالانسياق وراء هوس المحيط الاجتماعي ، القائم على قانون يجب أن يكون (الوزن مثالي وصورة الجسم مثالية و درجات التحصيل الدراسي مثالية والمال وفير ، والمنزل فخم ... وهكذا ) فشيوع القيم الاستهلاكية التجميلية جعل الخوف من الفشل ينتج عنه أحلام يقظة بالنجاح الدائم والمثالي في كل شيء وهذا ليس بالحقيقة فالانسان الطبيعي ينجح ويفشل فلا أحد منا يمتلك مقومات النجاح الكامل الدائم ، وللأسف الشديد تربية أحلام اليقظة حيث يجب تحقق كل شيء ينتج عنها نسيان الواقع بأن الحياة بلا احباطات وصعوبات ضرب من الخيال فيظل الطفل أو المراهق يبحث عن الانتصار الوهمي بالكمال والمثالية في كل شيء ويبتعد عن الواقع ليقترب من عقلية المصابين بالامراض الذهانية لذا نجد بعض اضطرابات العجز المكتسب" مهما انجز الفرد ليس كافي " شائعة في العصر الحديث نتيجة الفجوة بين طموح الشخص وما يستطيع تحقيقة في ضوء معايير سجن المثالية المبالغ فيها وصراع عدم الرضا المعمم على جوانب حياة الفرد ، لذا ينصح بالابتعاد عن تربية التوقعات الخائبة " توقع أكثر مما يمكن أن تكون ،ومقولة أنت تصلح لأي شيء بنفس درجة الكفاءة " واستبدالها بتربية الأهداف الواقعية القابلة للتحقق .
التربية التعويضية - الصحة النفسية - الاثار النفسية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة