مدونة البيتي العلمية


النسب الشريف للسيد المسيح عليه السلام ... بين الإسلام والمسيحية

حسن محمد عبدالله البيتي | Hassan Mohammed Abdullah Albaiti


01/01/2024 القراءات: 144  


كلنا يعلم علم اليقين أننا لآدم وآدم من تراب، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد قال الله عز وجل عن حال النصارى قولهم: (وقالت النصارى المسيح ابن الله) سورة التوبة، وهذه نسبة باطلة رد عليهم الله في سورة الإخلاص وكثير من مواضع القرآن
وأما نسبته البشرية فقد تخبط فيها النصارى أيمّا تخبط في ( إنجيل متى ) و ( إنجيل لوقا ) اللذين ذكرا النسب من بين كل الأناجيل، زاعمين أن السيدة مريم عليها السلام كانت مخطوبة من شابٍ يهودي صالحٍ يدعى (يوسف النجار) بينما ينقل الطبري في تفسير قوله تعالى (فجاءها المخاض إلى جذع النخلة) بأن المدعو يوسف كان رجلاً صالحاً قائم بخدمة المسجد الذي تعكف فيه مريم عليها السلام، ولم يكن بينهما خطوبة
قال الطبري: حدثنا محمد بن سهل، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهب بن منبه يقول: لما اشتملت مريم على الحمل، كان معها قَرابة لها، يقال له يوسف النَّجار، وكانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون، وكان ذلك المسجد يومئذ من أعظم مساجدهم، فكانت مريم ويوسف يخدمان في ذلك المسجد، في ذلك الزمان ....الخ.
والذي يجعل أمر الخطبة غير منطقي هي شهادة القرآن على لسان أم مريم لما قالت: (رَبّ إني نذرتُ لك ما في بطني محرّرًا)، فإنّ معناه (تفسير الطبري): إني جعلت لك يا رب نَذْرًا أنّ لك الذي في بطني محرّرًا لعبادتك. يعني بذلك: حبستُه على خدمتك وخدمة قُدْسك في الكنيسة، عتيقةً من خدمة كلّ شيء سواك، مفرّغة لك خاصة.
تناقض انجيل متى ولوقا في النسبة البشرية للمسيح عليه السلام بالاب والجدود إلى أن وصلا إلى نسبته المتفق عليها وهي: يهوذا بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم عليه السلام .
ولكن القرآن نسب السيد المسيح عليه السلام في كثير من الآيات بقوله (المسيح ابن مريم) وما دامت النسبة إلى مريم فالمفترض استكمال النسبة من مريم لا يوسف النجار.
وأغلب المفسرون بإجماع على أن نسبة سيدتنا مريم عليها السلام إلى والدها السيد الكريم عمران عليه السلام، والآية كالتالي:
وقال تعالى: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها) سورة التحريم
فالنسب الموجود بالقرآن هو المسيح عيسى بن مريم بن عمران، إذن بقي أن نوجد الرابطة بين العابد الزاهد عمران رضي الله عنه والنبي إبراهيم عليه السلام
يورد القرطبي في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) سورة ال عمران، مقولة الكلبي : هو عمران أبو مريم ، وهو من ولد سليمان عليه السلام
ثم يكمل البغوي تفسير الآية نفسها بقوله: وقال الحسن البصري ووهب بن منبه : هو عمران بن أشهم بن أمون من ولد سليمان بن داود عليهما السلام
وزاد الطنطاوي في الوسيط نسبته على قول محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله : هو عمران بن ياشم (أشهم) بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحزيق بن يوثم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن أجريهو بن يازم بن يهفاشاط (خامس ملوك بيت المقدس) بن إنشا بن أبيان بن رخيعم بن سليمان بن داود ، عليهما السلام
ويؤيد هذه النسبة الحافظ ابن كثير في كتابه (قصص الأنبياء) إذ ذكر نسبة النبي زكريا (خال السيدة مريم عليها السلام) في الجد هوشافاط(ويقال بهفاشاط)، بن إينامن بن رحيعم (تنطق حاء وفي روايات خاء) بن سليمان بن داود.
ويستكمل المؤرخون المسلمون النسب عند النبي داود بأنه: داود بن أيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عوينادب ابن إرم بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام
وأغلب المفسرين على أن النبي عيسى عليه السلام من سلالة النبي داود عليه السلام عدا ابن عاشور في التحرير والتنوير، حيث قال: قال المفسّرون : هو من نسل سليمان بن داود ، وهو خطأ ، والحق أنه من نسل هارون أخو موسى (وقد ذكر ذلك في تفسيره لسورة مريم) لكن ما يؤخذ على ابن عاشور هو تفسيره لأخت هارون من انجيل لوقا الذي يتناقض مع انجيل متى، فكيف استطاع ابن عاشور أن يرجح رواية لوقا على رواية متى؟
يستند ابن عاشور في ذلك إلى رواية في صحيح مسلم وغيره عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما تقرءون (يا أخت هارون) وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ ، قال المغيرة : فلم أدر ما أقول . فلما قدمت على رسول الله ذكرت ذلك له . فقال : (ألم يعلموا أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم) ففي هذا تجهيل لأهل نجران أن طعنوا في القرآن على توهم أن ليس في القوم من اسمه هارون إلا هارون الرسول أخا موسى .
لكن يرد على ابن عاشور كثيرٌ من أهل العلم بنفس الحديث الذي أورده في تفسيره، وذلك بأن هارون هو رجل صالح في زمن السيدة مريم عليه السلام، وأبلغ رد على ابن عاشور هو رد ابن كثير على القرظي بقوله: أغرب من هذا كله ما رواه ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا المفضل بن فضالة حدثنا أبو صخر عن القرظي في قول الله (يا أخت هارون) قال: هي أخت هارون لأبيه وأمه وهي أخت موسى أخي هارون التي قصت أثر موسى (فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون).
وهذا القول خطأ محض فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفى بعيسى بعد الرسل فدل على أنه آخر الأنبياء بعثا وليس بعده إلا محمد صلوات الله وسلامه عليهما ولهذا ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال: (أنا أولى الناس بابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي) ولو كان الأمر كما زعم محمد بن كعب القرظي لم يكن متأخرا عن الرسل سوى محمد ولكان قبل سليمان بن داود فإن الله قد ذكر أن داود بعد موسى في قوله تعالى:(ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وذكر القصة إلى أن قال وقتل داود جالوت) الآية.


المسيح و العذراء عيد الميلاد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


وبعد ذلك نستكمل النسبة البشرية لعيسى عليه السلام باجتهاد المؤرخين العرب كالبغدادي في كتابه (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب) بقوله: هو النبي ابراهيم بن آزر بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالح بن عابر (النبي هود) بن شالخ بن ارفخشذ بن سالم (اخو النبي صالح) بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوض بن إرم بن سام بن النبي نوح بن لامك الملك بن متوشلح بن أحنوخ بن يراد بن مهليل بن قيناب بن أبوش بن النبي شيث بن النبي آدم.