مدونة عبدالحكيم الأنيس


بين يدي "تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك" للسيوطي (2)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


25/01/2023 القراءات: 752  


تاريخ التأليف:
-جاء في أول نسخةٍ من "الفانيد في حلاوة الأسانيد" : أنه أُلِّف "في يوم الأربعاء العشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 900".
-ويبدو أنه ألَّف كتابه "تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك" في هذه الأثناء (بعد "الفانيد" هذا) فقد جاء في خاتمته (أي تزيين الممالك):
"بلغني في هذه الأيام أنَّ ثَمَّ مَنْ أنكرَ رواية الإمام أبي حنيفة عن الإمام مالك، وعلَّلَ ذلك بأنه أكبرُ سنًا منه، وهذا لا يُقال، فكم روى الأئمة عمَّن أكبرُ سنًا منهم. وقد رَوى عن الإمام مالك مَنْ هو أكبرُ سنًا من الإمام أبي حنيفة وأقدمُ وفاةً كالزهري وربيعة وهما من شيوخ مالك، فإذا روى عنه شيوخُه فلا يبعد أنْ يروي عنه أبو حنيفة الذي هو مِنْ أقرانه.
وروايةُ أبي حنيفة عن مالك ذكرَها:
الدارقطني في كتاب "المُدبَّج".
وابن خسرو البلخي في "مسند أبي حنيفة".
والخطيبُ البغدادي في كتاب "الرواة عن مالك".
وذكرَها من المتأخرين:
الحافظُ مغلطاي في "نكته على علوم الحديث لابن الصلاح".
والشيخُ سراج الدين البلقيني في "محاسن الاصطلاح".
وقال الشيخُ بدر الدين الزركشي في "نُكته على ابن الصلاح": صنَّفَ الدارقطني جزءًا في الأحاديث التي رواها أبو حنيفة عن مالك.
قال: وقال الحنفية: إنَّ أجلَّ مَنْ روى عن مالك أبو حنيفة. انتهى.
قلتُ [القائل السيوطي]: وهذه العبارة تدلُّ على أنه رَوى عن مالك عدةَ أحاديث.
والذي وقفتُ أنا عليه حديثان فقط:
أحدُهما: في "مسند" أبي حنيفة لابن خسرو.
والآخر: في "الرواة عن مالك" للخطيب.
ولم أقفْ على الجزء الذي صنَّفه الدارقطني.
ووقفتُ على كتاب "ما رواه الأكابرُ عن مالك" لابن مخلد، فرأيتُ فيه ما رواه عنه الزهريُّ، وشعبةُ، وابنُ جريج، والأوزاعيُّ، والسفيانان، وجماعةٌ آخرون من الأكابر.
ثم وقفتُ على "مسند" أبي حنيفة لابن الضياء الذي جمعَه مِنْ خمسة عشر مسندًا، فرأيتُهُ أورد فيه من رواية أبي حنيفة عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: "إذا صليتَ الفجرَ والمغربَ ثم أدركتَهما فلا تُعدهما".
فهذا ثالثٌ.
وقد سُررتُ بوجوده كثيرًا.
وأسألُ اللهَ أنْ يمنَّ عليَّ بالوقوف على مؤلَّف الدارقطني في ذلك".
فوقوفُ السيوطي المؤلفِ هنا على حديثٍ ثالثٍ مِنْ رواية أبي حنيفة عن مالكٍ يُشير أنه بعد "الفانيد" الذي ذكر فيه حديثين، أي في سنة (900).
وهذا يفسر عدم ذكره له في كتابه "تنوير الحوالك على موطأ مالك" الذي فرغ منه –كما جاء في آخره- يوم الخميس سادس جُمادى الآخرة سنة (899).
وفي مقدمة هذا الكتاب (أعني تنوير الحوالك) ترجمةٌ للإمام مالك، وكلامٌ على الموطأ، ولكن بصورة موجزة .
والجدير بالذكر أن السيوطي ذكره في "فهرست مؤلفاتي" وجاء برقم (30) في آخر قائمةِ ما له في "فن التاريخ"، وهذا يشير إلى تأخر تأليفه.
وفي تلك المدة كان يقوم بتدريس الموطأ، فقد جاء في آخر "تنوير الحوالك" بخط تلميذه الداودي: "سمعتُ منه مواضع متعددة على مؤلِّفه في سنة إحدى وتسع مئة بالمدرسة الشيخونية..." .
النسخ المعتمدة:
اعتمدتُّ في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ، منها:
نسخة ضمن مجموع كله للسيوطي، وأغلبه بخطه، ولكنْ عرضَ لأوراقها خللٌ، وجُمعتْ على غير الصواب، ورُقمتْ بعد هذا الجمع المضطرب، وقد قمتُ بترتيبها في ضوء النسخ الأخرى.
ولا بد من الإشارة إلى أنَّ الصفحة المرقمة بـ (29 ب) والصفحة (30 أ) هما في الأصل قصاصتان تابعتان للصفحة (32 أ).
وقد سقطَ من الكتاب عدةُ أوراق، وذلك من الاسم (محمد بن أبي الخصيب الأنطاكي) المرقم بـ (764) في (الرواة عن مالك)، في الفصل السادس، إلى نهاية الفصل السابع.
كما سقطتْ قصاصتان (طيّارتان)، واحدة في الفصل الخامس، وأخرى في الفصل العاشر.
وهذه النسخةُ مسودةُ المؤلِّف.
وظهرَ لي أنَّ أصل الأوراق كانتْ مخصصةً لشرحه الكبير على الموطأ (كشف المغطى في شرح الموطا)، وترجمةِ الإمامِ مالك التي أرادَ تقديمَها بين يدي ذلك الشرح، ثم ضَرَبَ على بعض ما كَتبَ، واستأنفَ كتابَه هذا، فزاد في الترجمة السابقة ونقصَ، ولم يَذكر البسملةَ ولا مقدمةً ولا تسميةَ الكتاب، والتعويلُ في هذا (في البسملة وتسمية الكتاب) على النُّسخ الأخرى.
عملي فيه:
اعتمدتُّ نسخة المؤلف أصلًا.
وقابلتُها بالنسخ الأخرى.
وما سقط منها أخذتُه من تلك النُّسخ.
وأثبتُّ الرموز التي وضعها المؤلفُ على عدد من الأسماء في الرواة عن مالك.
ورقمتُ الفصولَ، فكانت سبعة عشر فصلًا.
وأضفتُ عناوين لِما لم يُعنون.
ورقمتُ ما ذَكَرَ من الأسماء.
ووثقتُ نقوله.
وأحصيتُ مصادرَه.
وخدمتُه بما يُخدم به أمثالُه.
وكانت همتي في إخراج نصٍّ محرَّرٍ صحيحٍ، مِن غير إثقالٍ ولا إملالٍ.
ولم أشرْ إلى شيءٍ من أخطاء النسخة المطبوعة –وهي كثيرةٌ جدًّا-، ولا شيء من أخطاءِ النُّساخ، وما في ذلك جَدوى.
والحمد لله ربِّ العالمين.


تزيين الممالك. مكتبة السيوطي. مناقب الإمام مالك.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع