مدونة سعد رفعت سرحت


مفهوم (العالم)في النظرية التداولية،هل العالم هو الواقع الخارجي؟.

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


16/06/2023 القراءات: 1339  




خُذْ هذه الأمثلة:
أ_(الجوّ حارٌّ)_____وصف العالم الخارجي

ب_(القيامة حقّ)____وصف ما تعتقده

ج_(قمْ يا زيدُ)____ تريد إيجاد القيام

د_(ليت الشباب يعود يومًا)__تصف مشاعرك



_في(أ)يندرج الكلام ضمن الأفعال الحكمية(=الخبرية)يريد المتكلم جعل الكلمات تلائم العالم،والمقصود بالعالم هنا الواقع الخارجي،فهو يصف حرارة الجو.



_في (ب)يندرج الكلام _أيضًا_ضمن الأفعال الحكمية(=الخبرية)إذ يسعى المتكلم إلى جعل (الكلمات تلائم العالم)والمقصود بالعالم هنا (المعتقد الشخصيّ)،وهو حين يقول(القيامة حقّ)فإنه يريد أنْ يلائم كلامه معتقده.


_في(ج)يندرج الكلام في الأفعال الأمريّة(=الموجهات) إذ يهدف المتكلم إلى(جعل العالم ملائمًا للكلمات)لأنّه يحمل المخاطب على فعل شيء سيلائم الواقع،فيقول لمن ليس قائمًا(قمْ)وبقيامه يكون العالم مطابقًا للكلمة.


_في(د)يندرج الكلام ضمن الأفعال البوحية أو المعبّرات، فالمقصود بالعالم هنا عالم الأحاسيس والمشاعر،إذ يجعل المعبِّر (الكلمات تلائم العالم)أي أنّه يبوح بكلمات تطابق أحاسيسه،فحين يقول(ليت الشباب يعود يومًا)يريد أنْ بذلك ترجمة ما في نفسه من توق إلى ايام الشباب.


يتحدث التداوليون عن(ملاءمة الكلمات للعالم)أو(جعل العالم يلائم الكلمات)و(تغيير العالم بالكلمات)...إلخ،و هم بذلك لا يريدون بالعالم(الواقع الخارجي) أو وقائع حصرًا،لأنّ هذا التفسير ساذج،اللهم نعم فهم لا يهملون العالم الخارجي تمام الإهمال،ولكن الذي يهمّ أكثر هو المعتقدات والمشاعر والرؤى الشخصية .


فالمراد ب"العالم"_فضلًأ عن العالم الخارجي_هو معتقد المتكلّم و منظوره الشخصي عن العالم، وحين نقول "تغيير العالم بالكلمات" نعني بذلك التأثير في المخاطب كأنْ نقنعه بفعل شي،أو نجعله منفعلا بالقول، فيبدو العالم في نظره غير ما كان قبل الكلام.


العالم،إذن، هو الواقع الخارجي و كذلك الواقع الداخلي الذي يعبّر عنه ب"ما في النفس يتضمن(الاعتقادات والقناعات والمشاعر والأفكار) التي يحملها كلٌّ منّا عن العالم وعن محيطه.

وبناءً عليه لنا تقسيم الأفعال الكلامية وفق صنفين بحسب ملاءمة الكلمات للعالم،أو ملاءمة العالم للكلمات:


#أولًا:جعل الكلمات تلائمُ العالم،ويدخل ضمن هذا الخير أفعال التقرير و البوح،أي الأفعال التي تصف الواقع الخارجي،و التس تصف معنقداتنا وأحاسيسنا.


#ثانيًا:جعل العالم يلائم الكلمات،وتندرج تحته أفعال التوجيه كالامر والنهي و الاستفهام والتحضيض والدعاء،و كذا أفعال الإيقاع كألفاظ البيوع والزواج والطلاق والالتزامات....



وبما أنّ اللغة تمثّل العالم أو تترجمه. ،فإننا نستطيع أن نجعل كلامنا مطابقا لما يعتقده ويراه المخاطب، كما نستطيع تغيير العالم في عيون المخاطب بالتأثير عليه ،إنْ شئنا ذلم بالصدق و إن شئنا بالكذب والزور والبهتان...


وهنا تكمن خطورة اللغة وأثرها السيء حين تقوم بتمثيل الواقع تمثيلا زائفا وهي لا تنفك تغالط و تُقنع الآخرين بالزيف فتُضِلّهم و تُغويهم،وأعتقد أنّ هذا هو مدار النظرية التداولية.



تسهيل الأفعال الكلامية _ملاءمة الكلمات للعالم _ملاءمة العالم للكلمات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع