اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمرأة علمياً (الجزء الثالث)
د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer
06/01/2024 القراءات: 405
وهكذا كانت الأعياد فرصة لسماع الخير والذكر، ومظهراً من مظاهر الحياة العلمية في ذلك العهد، ومجالاً مفتوحاً لتبصير المرأة المسلمة بأمور دينها، فكانت حاضرة فاعلة في مثل هذه المجالس، بل حتى الحائض لم يمنعها عذرها من الحضور، ولا يعارض ذلك استفادتها وشهودها الخير ودعوة المسلمين.
قال ابن حجر " وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد" (1)، فحرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على حضور حتى الحيض، لتتفقه وتتعلم أحكام دينها، وترجم لذلك البخاري بقوله " باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ".
ومما يدل على أهمية ذلك الحضور، وأثره على تكوين الملكة العلمية لدى المرأة، ما جاء في حديث أم هشام بنت حارثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخطب بالقرآن، فقالت: " وما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر، إذا خطب الناس " رواه مسلم
فمن خلال تردد هذه الصحابية الجليلة على بيوت الله، استطاعت تعلم هذه السورة وفهمها.
وهذا الحديث يبين عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - وحرصه على حضور النساء مجامع الخير ومجالس العلم، فالصلاة تشمل الخطبة، وهي باب من أبواب العلم، ومفتاح من مفاتيح التربية والتوجيه، حيث يكون الخطاب عاماً يحضره جميع شرائح المجتمع، بل لم يكن هناك عذر لمن لا تجد جلباباً إما لفقرها أو لعدم حاجتها للخروج كالمخدرات في ذلك الوقت، فأمر أن تلبسها أختها من جلبابها من باب التعاون على الخير.
وقد تميزت أم عطية برواية هذا الحديث وتفردت به وأفتت بموجبه، قال ابن حجر:" وقد أفتت به أم عطية بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة كما في هذا الحديث، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك
- حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تعليم نسائه ووعظهن حتى في الليل:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقال: سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن أيقظوا صواحبات الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " رواه البخاري ، وترجم له (باب العلم والعظة بالليل)
قال ابن حجر : " أي تعليم العلم بالليل، والعظة تقدم أنها الوعظ، وأراد المصنف التنبيه على أن النهي عن الحديث بعد العشاء مخصوص بما لا يكون في الخير " " وقوله (صواحب الحجر) إنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ، أو من باب " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ".
وقال:" وَأَشَارَ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ إِلَى مُوجِب إِيقَاظ أَزْوَاجه، أَيْ: يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ لَا يَتَغَافَلْنَ عَنْ الْعِبَادَة وَيَعْتَمِدْنَ عَلَى كَوْنهنَّ أَزْوَاج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -
ومن فوائد الحديث " إيقاظ الرجل أهله بالليل لا سيما عند آية تحدث، وتحذير العالم من يأخذ عنه من كل شيء يتوقع حصوله، والإرشاد إلى ما يدافع ذلك المحذور "
النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المعلم القدوة، حرص على تعليم أهله، كما حرص على تعليم نساء المسلمين، فهن أولى من يحظى بذلك، وأسعد من يشرف بعنايته واهتمامه. وبفضل هذه الرعاية الأهلية النبوية، تخرجن أمهات المؤمنين، عالمات فقيهات، فكان لهن السبق في تبليغ الدين، ونشر السنة النبوية بين الناس، فكانت حجراتهن مقصداً لطلاب العلم، يأتيهن السائل والمستفت وصاحب الحاجة، فيجد بغيته وتقضى حاجته، ومن فضل الله على هذه الأمة تعدد أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتنوع العلم وتعددت المسائل العلمية التي نقلت عنهن.
اهتمام- علم- النبي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع