الوظائف وتطورها وعقوباتها في التاريخ الإسلامي
د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen
10/04/2024 القراءات: 566
تتسم الحياة عموماً بالحيوية والتغيير والتطور وتتخذ في سبيل هذا حالة من المرحلية والنمو ، فقد كانت ولا تزال تتدرج لتصل لشكلها الحالي، وحتى هذا الشكل لم يكن إلا مظهراً مؤقتاً سرعان من يناله التغيير بفعل الحداثة والتخصص والنمو الحضاري.
فالوظائف المعروفة في بواكير التاريخ الإسلامي مرت بمراحل متتالية ساهمت بتطور نموذجها وتحولها من البساطة إلى التركيب ومن العمومية إلى الخصوصية حسب تطور المجتمع ونظامه السياسي وتنامي جهازه الإداري والمالي والعسكري .
فالبساطة والتلقائية كانت من سمات الوظائف في عصر الرسالة والسبب في هذا يعود لصغر حجم الدولة ومحدودية مواردها الأقتصادية ونشأتها الأولية وعدم احتياجها إلى وظائف كثيرة تلبي متطلباتها كدولة ناشئة.
وقد اختلف الوضع في العصرين الراشدي والأموي عنه في عصر الرسالة، إذ توسعت الدولة جغرافياً وزاد عدد سكانها وتنوعت مواردها الأقتصادية واكتسب العرب المسلمين خبرة في التوظيف الأمثل للموارد البشرية والتنمية الأقتصادية، كما أن احتكاك العرب المسلمين وانضمام بعض الكفاءات غير العربية للإسلام وبالتالي نقل خبراتها إليهم ساهم في التطور والنمو، فظهر التخصص بصور لم تكن موجودة قبل ذاك، لعل من أبرزها الدواوين مثل : ديوان الجند والعطاء والخراج والخاتم وغيرها والتي نظمت ملاكات الدولة وشكلها الوظيفي فأصبح للمؤسسة القضائية والعسكرية والأقتصادية والإدارية أشكالها الوظيفية لا تتداخل مع بعضها البعض، لكل منها نظامها وهيئتها بعيداً عن التماس والأختلاط بين التخصصات .
وزاد هذا التخصص والإستقلال في العصر العباسي واستحدثت وظائف جديدة بلغت من الدقة والكمالية والرفاه ما تعلقت بعضها بفرش منام الخليفة وسقاءه ودواته وقصبه لا بل حتى لبسه وأكله.
كما أن من معايير تطور الوظائف في التاريخ الإسلامي تخصيص العقوبات الإدارية لمن يخالف القوانين والأعراف التي اوجدها الخلفاء على مدى حكم الدول الإسلامية حتى نهاية العصر العباسي، فاضر بالمصلحة العامة وقدم نموذج سيء لشكل الدولة فأستحق العقوبة ، حيث تدرجت من عصر لآخر ومن موظف لآخر، فمثلاً كان التأنيب عقوبة في عصر الرسالة، والمناصفة والتعزير في العصر الراشدي، والسجن وقطع العطاء (الراتب السنوي) في العصر الأموي، وانتهاءاً بالفصل من الوظيفة والقتل في بعض الحالات في العصر العباسي.
وختاماً نقول أن الوظائف وتطورها في التاريخ الإسلامي سلكت سبلاً كثيرة واخذت وقتاً طويلاً للوصول لمرحلة الرقي والتخصص الوظيفي في الدول الإسلامية الحاكمة، وهي مسألة طبيعة في تطور الحضارات ورقيها في العالم.
الوظائف، المسلمين، الرسالة، العقوبات، تطور
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة