حوار تخيُّلِي في المفاخرة بين السماء والأرض حول فضل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لـ عيسى البيانوني
باحث / طه ياسين محمد الزيباري | Taha Yaseen Mohammad Zebari
23/06/2023 القراءات: 1549
انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي لحوار تخيُّلِي (افتراضي) في المفاخرة بين السماء والأرض حول فضل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو منسوب لـ عيسى البيانوني وهو من شيوخ المتصوفة المتوفي عام 1945م.
حيث يقول الشيخ عيسى البيانوني: وقد تخيل أنه قد حصل حوار بين السماء والأرض :
قالت : السماء للأرض يا أرض انا الرفيعة وانت الوضيعة ، أنا المنورة وانت المظلمة .
هل عندك يا أرض مثل النجوم الزاهرة ؟
هل عندك مثل الشمس والقمر ؟
فرق قلب الأرض وانكسر
فأطلع عليها الحق ولها جبر
فلما ولد الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، وجاء السرور ونفح المسك والطيب .
قالت : الأرض للسماء
هل عندك يا سماء مثل هذا المولود ؟
هل عندك من سمي بسيد الوجود ؟
إن كنت تفخري علي بالشمس والقمر فعندي وزيراه ابو بكر والفاروق عمر .
وإن كان سترك بالأنوار ممتلئ
فعندي صهراه ذي النورين والكرار الإمام علي .
وكأن السماء تمنت أن تلثم نعل هذا الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فأكرمها الله تعالى بالإسراء والمعراج .
ومما ذادني شرفاً وتيها ... وكدت بأخمصي اطئ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صيرت أحمد لي نبياً .
ولنا مآخذ وملاحظات على هذا الحوار الافتراضي (التخيلي):
فإن هذه المقارنة لا تجوز وخاطئة لأنه لا وجهَ للمقارنة بين السماء والارض من عدة وجوه:
1- هذا غلو في حق جناب النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وقد قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) ( قالَ يا أيُّها النَّاسُ إيَّاكم والغُلوَّ في الدِّينِ فإنَّهُ أهْلَكَ من كانَ قبلَكُمُ الغلوُّ في الدِّينِ) الراوي : عبد الله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 2473 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (3029) واللفظ له، والحاكم (1711)، والبيهقي (9806) باختلاف يسير.
2- لا ننسى بأن الأرض هي عقوبة لآدم (عليه السلام) حين أُهبط من الجنة التي في السماء إلى الأرض فلا فضيلةَ لها .
3- السماء يكفيها شرفاً وفخراً أنّ اللهَ فيها مستوٍ على عرشه بائنٌ من خَلْقِه الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]. أثبت الله تعالى لنفسه صفة " الاستواء على العرش " في أكثر من موضع من القرآن ، فقال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ) طه/ 5 ، وقال تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ) الأعراف/ 54 ، يونس/ 3 ، الرعد/ 2 ، الفرقان/ 59 ، السجدة/ 4 ، الحديد/ 4 . فالاستواء صفة فعلية للرب تعالى ، أثبتها له أهل السنَّة والجماعة ، على الوجه اللائق به عز وجل ، من غير تحريف لمعناها
4- والسماءَ لا يُعبَدُ فيها إلاّ الله، والأرضُ يُعبدُ اللهُ فيها وغيرُه من الشركيات.
5- أخشى بهذه المفاخرة أن نكون ممن قال اللهُ فيهم (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) [الزمر: 67]. لأنّ هذه المفاخرة فيها سوء أدب مع الله وأيضاً لا تليق بحق النبي (صلى الله عليه وسلم).
6- مولدُ النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذه الأرض نعمةٌ على العالم كله بمقتضى رسالته التي قال الله فيها: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء 107
وأخيراً :
نرى بأنّ هذه المفاضلة والمفاخرة بين السماء والأرض في فضل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا داعي لها ولا جدوىٰ من ورائها وأدعو إلى التوقف والكف عن نشرها وتداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن فيها امتهاناً قد يصل إلى الشرك للتقوّل على الله بغير علم. والله يقول الحقَّ وهو يهدي السبيل.
والله من وراء القصد
للأمانة: منقول بتصرف شديد
حوار ، افتراضي ، رسو الله ، انتشرت ، مواقع ، مفاخرة.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع