مدونة د. أسماء صالح العامر


الصحابية الغميصاء بنت ملحان المكناة بأم سليم (الجزء الأول)

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


30/12/2023 القراءات: 443  


الغميصاء بنت ملحان
المكناة بأم سليم
«ما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم؛ إذ كان مهرها الإسلام»
[أهل المدينة]

كانت الغميصاء بنت ملحان- حين أهل الإسلام بنوره على الأرض - نصفا تخطو نحو الأربعين من عمرها، وكان زوجها مالك بن النضر يسبغ عليها من وارف (1) حبه، وظليل وداده ما ملأ حياتها نضرة (2) ورغدا وكان أهل «يثرب» يغبطون الزوج السعيد على ما تتحلى به عقيلته من رجاحة العقل، وبعد النظر، وحسن التبعل
وفي ذات يوم من أيام الله الخالدة نفذ إلى «يثرب» - مع الداعية المكي مصعب بن عمير (1) - أول شعاع من أشعة الهداية المحمدية، فتفتح له قلب الغميصاء كما تتفتح أزاهير الرياض لتباشير الصباح، فلما لبثت أن أعلنت إسلامها يوم كان المسلمون- في المدينة- يعدون على الأصابع.
ثم دعت الزوجة الوفية زوجها الأثير لينهل معها من هذا المنهل الإلهي العذب الطهور، ويحظى بما حظيت به من سعادة الإيمان ...
لكن مالك بن النضر لم يشرح للدين الجديد صدرا، ولا طاب به نفسا، بل إنه دعا زوجه بالمقابل إلى الرجوع عن الإسلام والعودة إلى دين الآباء والأجداد وتشبث كل من الزوجين بموقفه، فالغميصاء تكره أن تعود إلى الكفر بعد الإيمان كما يكره المرء أن يقذف في النار ...
ومالك يتعصب لدين الآباء والأجداد في عناد ...
وكانت الغميصاء تملك من قوة الحجة ما تفحم (1) به زوجها، وكان في دعوتها من نور الحق ما يفضح باطله الواهي (2) المتهافت (3) ...
وكان لمالك صنم من خشب يعبده من دون الله، فكانت تحاجه في أمره قائلة:
أتعبد جذع شجرة نبت في الأرض التي تطؤها بقدميك، وترمي فيها فضلاتك؟! ...
أتدعو- من دون الله- خشبة نجرها لك حبشي من صناع المدينة؟!.
ولما ضاق الزوج ذرعا بحجج زوجته الدامغة (4) غادر المدينة ومضى هائما على وجهه متجها نحو بلاد الشام، ثم إنه لم يلبث هناك قليلا حتى مات على شركه.
****
وما إن شاع في المدينة خبر ترمل الغميصاء حتى تشوق كثير من الرجال إلى الإقتران بها، لولا أنهم كانوا يخشون أن تردهم خائبين لما بينها وبينهم من الاختلاف في الدين.
غير أن زيد بن سهل (1) المكنى بأبي طلحة أطمعه في رضاها به ما كان بينهما من روابط القربى، فكلاهما من بني «النجار».
****
مضى أبو طلحة إلى بيت الغميصاء وخاطبها بكنيتها قائلا:
يا أم سليم، لقد جئتك خاطبا، فأرجو ألا أرد خائبا.


الغميصاء- صحابيات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع