مدونة رائد محمد حلس


تأثير حركة النزوح المتكرر والعيش في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء على الشباب في قطاع غزة أثناء الحرب

د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles


31/12/2024 القراءات: 108  


بقلم
د. رائد حلس
باحث ومختص في الشأن الاقتصادي
غزة - فلسطين

أدت الحرب الحالية والمتواصلة على قطاع غزة إلى موجات كبيرة من النزوح الداخلي، حيث أضطر السكان إلى مغادرة منازلهم واللجوء إلى مراكز الإيواء أو مخيمات النزوح بسبب الدمار المتواصل والأوضاع الأمنية الصعبة، وقد كان للشباب نصيب كبير من هذه المعاناة، حيث أثرت الظروف القاسية للنزوح على حياتهم اليومية ومجمل الفرص الاقتصادية المتاحة لهم.
على الصعيد الاقتصادي، تسببت عمليات النزوح المتكررة في تفاقم البطالة بين الشباب الذين يمثلون نسبة كبيرة من سكان غزة، بفعل الحرب والدمار، حيث تعرض الاقتصاد المحلي للانهيار وتدمير المنشآت والبنية التحتية، ما أدى إلى فقدان فرص العمل، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل التجارة، والصناعة، والزراعة.
كما أصبحت البيئة الاقتصادية في قطاع غزة أكثر هشاشة مع محدودية الموارد وصعوبة الاستيراد والتصدير، الأمر الذي وضع الشباب في حالة من انعدام الاستقرار المالي وعدم القدرة على تحقيق دخل ثابت، وبالتالي تقييد قدرتهم على تطوير مسارات مهنية مستقرة.
وفي ظل النزوح، يعاني الشباب من تراجع فرصهم في التعليم والتدريب المهني، حيث تتوجه الموارد الحكومية والمنظمات غير الحكومية إلى تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى على حساب التعليم والتطوير المهني، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر على فرص الشباب في دخول سوق العمل، إذ وجد الشباب في غزة أنفسهم غير مجهزين بالمهارات اللازمة لمواكبة متطلبات العمل في ظل الحرب الحالية، إضافة إلى نقص الدعم اللوجستي والذي أدى أيضًا إلى تعطيل نشاطاتهم التجارية الناشئة، وحدّ من إمكانياتهم لتكوين مشاريع صغيرة تساهم في تحسين حياتهم الاقتصادية وتحقيق استقلالهم المالي.
إلى جانب التحديات الاقتصادية، يواجه الشباب في مخيمات النزوح تأثيرات نفسية واجتماعية صعبة، فالنزوح المتكرر جعلهم أكثر عرضة للتوتر والقلق المستمر، ما أثّر على أدائهم وقدرتهم على التخطيط للمستقبل، خاصة وأن الشباب بات يعيش في بيئة تفتقر إلى الاستقرار والأمان، ويعانون من نقص الخصوصية وغياب الدعم النفسي والاجتماعي، مما أدى إلى زيادة تفاقم المشكلات النفسية كالقلق والاكتئاب.
ختامًا، تشكل حالة النزوح المستمرة تحديًا كبيرًا للشباب في قطاع غزة، خاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث يواجهون صعوبات في تأمين فرص عمل وتعليم مستقرّين، مما يعيقهم عن بناء مستقبل مستدام، لذا من الضروري أن تساهم جميع الأطراف الحكومية والأهلية بجانب القطاع الخاص في توفير برامج دعم تنموية واقتصادية تهدف إلى تمكين الشباب من مواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها ظروف النزوح، لتعزيز قدرتهم على الصمود والاندماج في المجتمع والعمل على تحسين ظروفهم المستقبلية.


الحرب على غزة - النزوح - الشباب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع