مدونة ياسر جابر الجمال


تقنيات اللغة في مذكرات السيد حافظ . (7)

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


24/01/2024 القراءات: 479  


اللغة : إن العلاقة الوثيقة بين اللّغة بوصفها نظاماً إشارياً مؤديها الإنسان تحتم أن تكون لهذه اللّغة مجالات استخدامية يمكن عن طريقها أن تتطوّر تبعاً لتطوّر المجتمع في مجالاته المختلفة ذلك لأنّ الطابع اللّغوي للكائن البشري بالنهاية مرتبطا باجتماعيته ارتباطاً وثيقاً ؛ لذلك تجد عبر هذه السنين من استعمالات اللّغة الكثير من المفردات قد اندثرت وتلاشت وأصبحت في سياقها في ضمن تاريخ قديم ونتيجة لذلك تظل اللّغة في توالد وتزايد كل يوم لتؤدي عنا حاجاتنا اليومية التي نريد منها ونحملها على التعبير عنها في تواصلنا على مختلف مستويات التواصل" ( ) ومن ذلك فإنه يمكننا القول إن اللغة هي أساس العملية السردية، وهي البناء الذي يضع فيه الكاتب عمليته السردية؛ لهذا فإن مذكرات "السيد حافظ" جاءت باللغة الفصحى بعيدة عن التقعر والاسفاف والغموض . يقول الكاتب : "قال لي الدكتور "محمود الضبع" : أنت استخدمت الميديا في المذكرات وهذا شيء جديد.. أقول له أنا لا أعرف هل هو جديد أم لا وقد يكون لم يستخدمها أحد غيري، لكني قلت أستخدمها لعل الناس تستفيد والأجيال القادمة المحبة وهم قلة، وأنا مؤمن بأن رصيدي قلة وليست لي جماهير عريضة سواء في الكتابة أو القراءة لأنه عندما يحدث ضجيج شديد جدًا حول عمل ما أجده رديء ولكني لا أنخدع بهذه الضجة حتي ولو حصل عمل ما على جائزة أقرأ هذا العمل فأجد 95 % من هذه الأعمال رديئة لأن معظم لجان القراءة رديئة في الوطن العربي"( ) لغة السرد : تعتبر اللغة أساس الجمال في العمل الإبداعي، فهي التي يتحدث بها السارد في متن النص الروائي، حيث يقدم السارد الشخصيات والأماكن والأحداث والزمان من خلال اللغة، تعكس اللغة ثقافة الكاتب وقدرته على انتقاء الكلمات وتوظيفها في التعبير عن مكونات الرواية وتعكس رصانة الأسلوب لدى الكاتب، وهي لغة واحدة يفترض أن تكون صحيحة، وأن تليق بصاحبها( ) إن كلا من اللّغة والسرد تجمعهما" علاقة واحدة، فإذا كان السرد يمثل العمود الفقري في النصوص السردية وجب أن تكون اللّغة العامل المشترك مع السرد ليتحقق التطوّر اللّغوي والانشداد إلى الحداثة من خلال الوعي بلغة حداثوية تساير النصوص الإبداعية لتصبح بذلك اللّغة ليست وسيلة فحسب، وانما هي رؤية بتنامي جمالية تحتمها طبيعة النص أولا وثانياً طبيعة تنامي الوعي باللّغة إذ تبدأ الحداثة وعي لغوي إلى الأوج يحيل اللّغة إلى فاعل من الفواعل في العالم في إطار العمل، ومنه إذا كانت اللّغة النص وفي إطار علاقة الكاتب بالعالم وعلاقة النص به( ) في هذه المذكرات السارد هو "السيد حافظ"، وهو صاحب الدور المحوري في هذه الوثيقة التاريخية، لذلك يعتمد على لغة الإقناع في سرد الأحداث المؤيدة بالبراهين على أمتداد العمل، من خلال استخدام سلطة الحكي – سلطة اللغة - . يقول السيد حافظ: " سأتكلم اليوم عن لماذا الرواية وعن رواياتي الأولي نسكافيه .. هي ليست رواياتي الأولى وروايتي الأولى كانت (مسافرون بلا هوية)، كانت نوعا من محاولة اقتحام عالم الرواية نتيجة وجودي في ظروف ضاغطة في الكويت في الشهور الأولى بلا عمل، أبحث عن عمل وأسكن مع عمال في حوش أشبه بحياة "بدر شاكر السياب"، أنصحكم بقراءة كتاب الدكتور العظيم "إحسان عباس" عن "بدر شاكر السياب"، هو أفضل من كتب عن بدر شاكر السياب، فكتبت ما يشبه اليوميات في كتيب صغير في صورة قصة قصيرة اسمها (مسافرون بلا هوية)، طبعتها في الكويت عام 1986م. وأعتبر رواية (نسكافيه) هي مشروعي الأول والباب الرسمي الذي دخلت منه ."( ) اللغة أداة في يد الكاتب يمارس عليها كافة السلطات التي يستطيع من خلالها أن ينفذ إلى بؤرة الإقناع لدى المتلقى، وهكذا يمكن لنا القول إن سلطة اللغة وبنيتها تؤدي وظيفة كبرى في العملية الإبداعية خاصة إذا كانت في يد مبدع حقيقي. لغة الحوار: إن لغة الحوار في الرواية " ظهرت مع ظهور الرواية العربية كجنس أدبي حديث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وإذا كان الرأي والممارسة فيها مختلفين، فإن القضية أخطر من أن نركنها صامتين، فهي ما تزال ساخنة ومؤرقة كإحدى المشكلات المعاصرة، وإحدى تحديات التحديث التي تواجه اللغة العربية وسيرورة الأدب العربي الحديث، وبعيداً عن اعترافات المتشائمين حول العجز عن حل للغة الحوار في الأجناس الأدبية الحديثة، وبعيداً عن اطمئنان المطمئنين في الاستسلام للحلول التي ارتأيت، فإنّ قضية الحوار في الرواية العربية مشكلة راهنة من مشكلات اللغة العربية والعصر، ولا ينبغي أن ينظر إليها كتبعة أو واجب، فهي قضية حضارية وسياسية وفنية."( ) يقول السيد حافظ في إجابة على سؤال أحد الطلبة كيف يصبح كاتبًا مشهورًا ؟ " سأتحدث باختصار شديد جدا.. لكي تصبح مرموقا جدًا ونجما كبيرا في عالم الكتابة : أولا : أن تكون مهذبا جدا، صوتك منخفض، أي عندما تقدم طلبا لأي جهة تضع وجهك في الأرض محنيا، صوتك لا يسمعه المسؤول عن النشر او المسؤول في المجلة لدرجة أنه يسألك ماذا قلت فتضطر لإعادة الكلام مرة أخرى. عندما تذهب للسؤال عن هل نشر كتابي أم لا أو كيف أنشره . فلتكن واقفا واضعا يديك بجنبك وكأنك طفل ارتكب خطيئة ما . وحتى عندما يكتبون عنك كن مؤدبا جدًا، لا يأخذك الغرور. ثانيا: كي تكون كاتبا كبيرا فلا يكن لك أي موقف سياسي ولا اجتماعي، فلو حدثت جريمة كبرى في المجتمع لا تكتب عنها. ستقول هناك مجموعة من الشباب تعدوا بالضرب على شباب آخرين وقد يكون بينهم الشاب فلان الفلاني وهو ابن مسئول كبير أو من أثرياء الطبقة الرأسمالية في البلد، حينها ستغضب منك بعض الجهات. ( )


اللغة ..


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع