مدونة بكاري مختار


" ‏عمر بن عبدالعزيز ... "

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


23/10/2023 القراءات: 288  



عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش المَوت عَرِف بأن خَادِمه هو من وضَع السُّم لَه فِى الط.َعام ، فَنَادَاهُ الخَلِيفة عُمر ،،
وقال له ويحَك لمَاذَا وضَعت السُّم فِى طعَامي؟
فارتَعَب الخَادِم وقال له بخَوف شَديد سيدى أُمَرَاء بَنى أُميَّة أعطُونى ألفَ دِينَار ، ووعَدُونى بأن أُصبِحَ حُراً إذَا فعَلت ذَلك
فقال له الخَليفة العظِيم ضَع الألف دينار فى بيت مالِ المسلمين واذهب فأنت حُر لوجه اللَّه ولَقَد عفَوتُ عَنكَ
فعُمر رغم أنَّه علَى وشَك المَوت كَان يُفكر فى بيت مال المُسلمين ويضرب أروَع الأمثِلة فى العَفو عِند المَقدِرَة لأن العُلماء قالُوا عَنه ، ما مشى عُمر خطوة واحدة إلَّا وكَان لَه فِيها نيَّة لِلَّه
لذلك استَطاع فى عامَين ونِصف فَقط أن يَمحُو الفَقر ويَنشُرالعَدل
حتى أن المُنادى كان يُنادى فى شوارِع المُسلِمِين من أرَاد الزَّواج أو سَداد الدُّيُون أو الحَج فكُل ذلك من بيت مَال المُسلمين
فقضى على الدُّيون وتأخر سِن الزواج ففاض الخير وانتشرت البَركة لدرجة أنَّه قال للعمال ألقُوا فائِض القَمح والبُذُور فى الصَّحراء لتأكُل الطيُور حتى لايقُول النَّاس جاع الطَّير فِى بلاد المُسلمين ،
ورغم عَدلِه الكبير كان شديد الخَوف من علام الغيُوب حتى قال عنه العلماء كان يَبكى إذَا سمِع القُرءان وكأن النَّار لم تخلق إلَّا لَّه ، وكان يرفض النِّفاق وأهلَه فكَان يجمَع العلماء الصَّالحِين ليتذَكَروا أمر َالآخِرَة
فقال له أحدَهُم يا أمِير المُؤمِنين صُمْ عَن الدُّنيا وأفطِر على المَوت وأجمَع الزَّاد لليلة صُبحها يوم القِيامَة
هذه الكلمات هزَّت قَلبه وسكَنت رُوحَه فأخَذ يَعِيش وكَأنَّه رَاهِب فى بَيتِه ومَلبَسه وحَياتَه تدُل على أنه أفقَر الفُقرَاء رغم أنَّه كان يحكُم رُبع الكُرة الأرضِية
لكن تلميذ النبي سيدنا مُحمَّد صلَّ اللَّه عليه وسلم وحَفِيد الفارُوق عُمَر رضِى اللَّه عنه ؛ تجُنبَ الهَوى حتى تَجنَّبه الهَوى وطَلَّق الدُّنيا ثلاثاً وأشتَرى بِهَا جنَّات خَالِدة والدَّليل عند وفاته كان آخر ما نطَق به لسانه المبارك
قوله تعالى :
" تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) "
صعَدت رُوحَه الطَّاهِرة إلى رضوان اللَّه الذي عاش حياتَه مِن أجل رضَاه لدَرجة أنَّه فى عصره كان الذِّئب يرعى مع الغنم والسَّبب كما قال أحد رعيته...
" إن عُمَر أصلَح ما بَينَه وبَين اللَّه فَأصلَح اللَّه ما بين الذِّئب والغنَم "
بعد وفاته بعشرات السنين وجدوا فى أحد الخزانات حبَّة قمح فى وزن التمرة ومكتوب عليها بخط القُدرة الإلهية...
"كانت هذه تنبت فى زَمَن العدل"
لذلك صدَق فيه قول القائل وإذا سألُوك عن العَدل فى بِلاد المُسلمين
فقُل لهُم " لقد مات عمر "


‏عمر بن عبدالعزيز، الحق، الخادم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع