العقل والعلم.. ركائز الإصلاح في ضوء السنة النبوية
باحث / طه ياسين محمد الزيباري | Taha Yaseen Mohammad Zebari
04/03/2025 القراءات: 8
العقل والعلم ركيزتان أساسيتان في بناء مشروع إصلاحي حقيقي، فالعقل يُشكّل بوصلة التفكير النقدي والتحرر من الجمود، وهو ما أكده النبي ﷺ بقوله: «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» (رواه الترمذي). فالحكمة هنا – وهي ثمرة العقل والعلم – تُوجب على المؤمن أن يبحث عنها في كل مصدر نافع، دون تحجيمها بأفكار مسبقة.
أما العلم، فيُمثّل منهجًا لفهم التحديات ووضع الحلول المبنية على الأدلة، وقد جعله الإسلام سبيلًا للرفعة، كما في قول الرسول ﷺ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» (رواه مسلم). فالسعي نحو العلم ليس فضيلة فردية فحسب، بل هو أداة لإصلاح المجتمع وبناء مستقبله.
ولا يُمكن فصل الإصلاح عن إعمال العقل في تحليل الواقع ومراجعة التراث، تمامًا كما دعا النبي ﷺ إلى استخدام العقل في التفكر بقوله: «تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ اللهِ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تُقَدِّرُوا قَدْرَهُ» (رواه الطبراني). فهذا التفكر في الكون والسنن الطبيعية يُنمّي روح البحث العلمي، ويدفع نحو اكتشاف حلول مبتكرة للتحديات.
كما أن الإصلاح يقتضي تبني العلوم الحديثة وتوظيفها، وهو ما يتوافق مع تحذير النبي ﷺ من ضياع العلم بقوله: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ» (رواه البخاري). فحفظ العلم وتنميته ضمانة لاستمرار النهضة ومقاومة التخلف.
وأخيرًا، فإن الإصلاح الحقيقي يبدأ بتمكين العقل من التساؤل، والعلم من التجريب، لبناء رؤيةٍ تتجاوز الموروث السلبي دون قطيعةٍ مع الهُوية، وهو ما يعززه قول النبي ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (متفق عليه). فالمسؤولية هنا عقليّة وأخلاقية، تجمع بين الحكمة والتجديد.
ختامًا:
النهضة العقلية والعلمية في الإسلام ليست منفصلة عن الإيمان، بل هي جزء من رؤية متكاملة تجمع بين التعبد والتفكر، كما تُظهرها الأحاديث النبوية. فالإصلاح المستدام هو الذي يُوازن بين **العقل الواعي** و**العلم النافع** و**القيم الأخلاقية**، لينتج مجتمعاتٍ قادرةً على مواكبة التعقيدات العالمية بمنطقٍ يحترم الإنسان ويصون الحضارة.
العقل ، العلم، ، الإصلاح ، السنة النبوية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع