طوفان الأقصى، مواقف وعبر، (٧) تحديد الأهداف والتركيز على تحقيقها
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
15/10/2023 القراءات: 608
لقد أبدع المقاومون الفلسطينيون في #طوفان_الأقصى في تحديد الهدف واختيار المقصد، وعدمِ الحيدة عن ذلك، منذ البداية الأولى لهذه المعركة، فقد كانَ لهم مقصدانِ مهمّانِ، صرّح بهما المتحدّثون عن #كتائب_القسام، وهما الدفاع عنِ الأقصى وتحرير الأسرى، فدارتْ الأحداث في المعركة حولَ هذين المقصدين، فالأول كانَ بإثخان جيش الاحتـ،،ــــــلال وتكبيده فشلاً استخباراتيّاً ذريعاً وهزيمة عسكريّة ساحقة، فأرسلوا بذلك رسالة عظيمة إلى العالم مفادهما أنّ الهالة التي أحيطَ بها هذا الجيش ما هي إلا فقاعة من السهل أن تتلاشى، وجدار جليد من اليسير أن يتماهى، ورسالة أخرى إلى هذا الجيش المهزوم مفادُها أنّه لن يُترك في قادم الأيام يفعل كما يحلو له في الاعتداء على المسجد الأقصى، والمقصد الثاني تحقَّقَ بأسرِ العدد الكبير من جيش الاحتـ،،ـــــــلال؛ حتى يكون ورقة الضغط المــُــثلى لتبييض سجونِ الاحتـ،،ـــلال من جميع الأسرى الفلسطينيين، فبدأ وضع الخطط لتحقيق هذين الهدفين منذ عامينِ سابقين، وبدأَ تنفيذ الخطط تنفيذاً دقيقاً، كما وردَ التفصيلُ في خطابِ أبي عبيدة،،،
وكانَ ذلك كلّه دونَ أيّة حَيدةٍ عن الهدفين المذكورين، ففي مرحلة التخطيط والإعداد كانَ هناك العديد من التجاوزات من قبل الكيـ.ـان الصهـ.ـو.ني التي من شأنِها أنّ تشجّع الجبان وتوقظ الوسنان وأن تستفزَّ الكتائب لتتخذ مواقفَ ردّاً على تلك التجاوزات، ولكنْ التركيز على الهدفِ والإعداد له كان يفرض عليهم أن يظلّوا يسابقون الزمن فيستغلّوا كلّ ساعة تمرّ عليهم، فكانَ ذلك حائلاً بينَهم وبين الردّ على تلك التجاوزات؛ تمهيداً لمعركة كبرى، كما أنّه في مرحلة التنفيذ عرضتْ لهم مكاسبُ كانَ بإمكان #كتائب_القسام استغلالُها، ولكنْ لم تكنْ لهم هدفاً في هذه المعركة فأعرضوا عنها، فمن ذلك أنّهم قد فرضوا سيطرتَهم على عدد من المستوطنات في غلاف غزّة، وعلى عدد من المواقع العسكرية وما فيها من المعدّاتِ، إلا أنهم بعد أنْ حققوا أهدافهم خرجوا منها.
وهذا النهج من تحديد الأهداف وتعيين المقاصد والتركيز عليها هو الذي كانَ يسير عليه الرسول الكريم - صلّى الله عليه وسلّم -، فقد حدّد مقصده من غزوة الحديبية، فكانَ التأثير في معنويَات المشركين من غير قتال، وخرجَ محرماً بالعمرة ومعه أسلحة الراكب فقط لا المحارب، وتجنّب الصدام مع قواتِ قريش التي اقتربت منه بالدخولِ إلى طرقٍ فرعية وعرة، فلمّا وصلَ الحديبية ومُنع من دخولِ مكةَ ظلّ فيها، وعندما هاجمه بعض المشركين، وأُلقي القبض عليهم، أطلق سراحهم، ولمـّا تمّ الصلحُ مع تذمّر بعض الصحابة رجعَ إلى المدينة؛ لتعذّر تحقيق المقصد، ولكنّه رجع بفتحٍ عظيم تمثّلَ في ذلك الصلح،،،
فالتركيز على الهدف والمقصد هو الذي فرض عليه أنْ يتجنّب القتال وأن يطلق الأسرى وأن يتفاوضَ.
ونجد أنّ تحديد الهدف والتركيز على تحقيقه هو الذي مكّن وحشيّ بن حَرب من قتل حمزة بن عبد المطّلب في أحد، وكان ذلك في جاهليّته، وهو الذي مكّنه من قتل مسيلمة الكذّاب، وكان ذلك في إسلامه، فكفّر عن قتله عظيماً من المسلمين بقتل عظيمٍ من المشركين، ومن نظر في وصفه الدقيق لتربّصِه لهما بغيةَ قتلهما بحِربتِه لأدرك ذلك جليّاً.
وكذلك ما كان من معود ومعاذ ابني عمرو بن الجموح، حين قتلا أبا جهلٍ في بدر، فقد طلبا من عبد الرحمن بن عوف أن يدلّهما عليه، فبقيا يتحيّنان الفرصة المواتية لذلك، فلمّا سنحت انطلقا كفرسيّ رهان حتى انقضّا عليه، فأردياه قتيلاً رغم صغر سنّهما.
فالعبرة من ذلك:
أنّ أمّة الإسلام أفراداً وجماعات لا سبيل لها إلى بلوغ أسمى الغايات ونيل أعلى الدرجات سواء في دنياها أم أخراها إلا بإتقان فنّ تحديد الأهداف والتركيز في تحقيقها.
سيف بن سعيد العزري
ليلة الاثنين ١ ربيع الثاني 1445هـ،
الموافق له 1٦ أكتوبر 2023م.
طوفان الأقصى، فلسطين، غزة، تحديد الأهداف
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة