مدونة ا.د سلوان كمال جميل العاني


رسالة رئيس التحرير في العدد الحادي عشر لمجلة أريد الدولية للعلوم والتكنولوجيا

ا.د سلوان كمال جميل العاني | Prof.Salwan K.J.Al-Ani (Ph.D) FInstP


20/05/2023 القراءات: 337  


رسالة هذا العدد عن تجربة تسخير الضوء بسرعته العالية لمعالجة البيانات في الكومبيوتر الكمي لكي يتمكن من عمل محاكاة لاصعب حدث ممكن في ثواني معدودة على سبيل المثال ما يحصل في الثقوب السوداء او لحظة الانفجار العظيم او في التفاعلات الكيميائية وفي مجالات الطب وغيرها.
والتجربة هي مشروع بحثي في جامعة دارمشتاد للعلوم التطبيقية (DUAS) في ألمانيا حيث تمكن علماء الفيزياء من التحكم بطبيعة الضوء وإيقاف سرعته في المواد الصلبة النادرة، واستخدامها في صناعة حاسوب كمي.
كما هو معروف يتم نقل المعلومات التقليدية من خلال اسلاك موصلة معدنية أو اشباه موصلات او غيرها من الادوات المستخدمة في نقل المعلومات ، وبعد ابحاث ودراسات ظهرت الالياف الضوئية كأحد افضل الحلول في معالجة البيانات ، والذي عمل طفرة بالاتصالات وفي نقل البيانات لان الضوء يسير بسرعة 300 الف كم /الثانية، وهذا جعل علماء الفيزياء يفكرون بتشغيل اجهزة الحاسوب المستقبلية بالضوء حتى تحقق سرعات معالجات خيالية تواكب عمليات المحاكاة المعقدة الخاصة بدراسات الكون التي يتم العمل عليها حاليا وتعطي نتائج بمنتهى السرعة والدقة، ولكن التكنولوجيا الضوئية تعتمد حالياً على شبكات الاتصال الضوئية التقليدية ويتم نقل المعلومات بواسطة الالياف الضوئية ولكن في نهاية الالياف ستتحول المعلومات الى إشارات كهربائية عادية التي تستخدم في اجهزة الحاسوب التقليدية لمعالجة البيانات، وهذا ما جعل العلماء يفكرون في استخدام اجهزة الحاسوب الكمومية الضوئية لمعالجة المعلومات باستخدام الضوء .
واول خطوة لتنفيذ الفكرة هي القدرة على تخزين البيانات الضوئية في داخل انظمة الكم .
وبإستخدام شعاع ليزر فائق السرعة إذ تعد السرعة من الأمور الجوهرية التي لا يمكن التلاعب بها استطاع الفريق البحثي من نقل الالكترونات بسرعات دون الفيمتو ثانية، أي أقل من ربع المليون جزء من الثانية، حيث تمكن هذا الفريق من إبطاء سرعة الضوء إلى 17 كم/ثانية في العام 1999م ، ويعتبر هذا رقماً قياسياً آنذاك، وفي عام 2003، تمكن نفس الفريق من إيقاف سرعة الضوء بصورة كاملة لمدة أجزاء من الثانية، وفي عام 2013، استطاع إيقاف سرعته لمدة 16 ثانية، والآن تمكنوا من إيقاف سرعته لمدة 60 ثانية بإستخدام بلورة مبردة.
واستطاع الفريق عمل ذلك من خلال استخدام أشعة ليزر ومن خلالها يمكن التحكم بسرعة الضوء داخل بلورة وهذه البلورة تحتوي على تركيز منخفض من الايونات في ذرات مشحونة كهربائيا من عنصر البراسيدنيوم، وعند حصول تلامس من مصدر الضوء مع البلورة كان يحصل تباطئ في سرعة الضوء بشكل كبير، وفي هذه اللحظة يفصل العلماء تشغيل شعاع الليزر ويوقفوا الضوء تماماً، ولكن الذي حصل ان الضوء لم يتوقف انما تحول الى وسط ذري اي تحولت نبضة الضوء الى شكل اخر يسمى المذبذب الذري .
بكلام اخر اي نقل الطاقة من مذبذب واحد (مجال الضوء) ووضعه داخل مذبذب ثاني هي الذرة وهنا يمكن استعادة الضوء بسهولة ، وبالفعل استطاع الفريق البحثي تخزين الصورة بهذه الطريقة واستطاعوا طباعة الصورة المكونة من ثلاثة خطوط على نبضة الضوء وهو دليل على تخزين الصورة داخل البلورة لمدة دقيقة وبعدها اعادو عرضها مرة اخرى واستطاعوا تحطيم سجل تخزين الصور السابق الذي كان اقل من 10 مايكروثانية فقط ، واصبح حقيقة تخزين الصورة أمر مهم في مستقبل تطور الحاسبات أو الكومبيوترات الكمية الضوئية فبدلا من احتواء الحواسيب في حساباتها على نبضة ضوئية واحدة داخلها اي بت واحد (Bit) من البيانات فالصورة الحالية ستخزن كمية من البيانات اعلى بكثير من الحالية .
ومن تطبيقات التجربة اجهزة الحاسبات التي تستخدم الضوء في المستقبل وتمهد الطريق للاتصالات والحسابات الكمية وتجعل الكومبيوترات الكمومية اقوى بكثير، وتحل المشكلات المعقدة خارج نطاق الحاسبات التقليدية ذلك لان هذه الحاسبات تستخدم الارقام الثنائية (0،1) او الـ (Bits) اما اجهزة الكومبيوتر الكمومية سوف تخزن المعلومات في Qubits (0،1) باستخدام الفوتونات او الذرات التي تعطيها القدرة الجبارة على معالجة البيانات بمقدار 1000 مرة عن الحاسبات التقليدية ، ومن المتوقع استخدام هذه التقنية خلال فترة 5-10 سنوات حتى تكون جاهزة للاستخدام. ويُخطط مستقبلاً في زيادة مدة بقاء الفوتونات داخل البلورة دون التلاعب بالمعلومات التي تحملها و وضعها الكمي، وحسب قولهم أنه في المستقبل القريب سيسمح هذا الإكتشاف بصنع الكمبيوتر الكمي، ومن المحتمل أيضاً أنه سيتم قريباً تصنيع أجهزة بإمكانها إجتياز حدود سرعة الضوء.
ومن مميزات الكومبيوترات الكمومية اختصار الزمن التي تجريها الحاسبات التقليدية التي تأخذ سنين طويلة الى ثواني فقط ، كما تستخدم لمحاكاة البيانات بدقة عالية وبذلك يمكن التنبوء بالطقس وعمل محاكاة للتفاعلات الكيميائية المعقدة ومعرفة ماذا يحدث داخل الثقوب السوداء وما الذي حصل منذ بداية الكون وحتى نهايته.
بالاضافة لذلك الثورة في مجال الطب لاكتشاف الامراض والادوية وسهولة تشخيص الامراض، وفي مجالات حماية البيانات التي تقدمها هذه الكومبيوترات والتشفير العالي، وعدم نسخها وحمايتها من السرقة او التجسس على البيانات.
ونتمنى ان تستخدم الانسانية التطور التكنولوجي الهائل لخدمتها فقط وليس للأسلحة والذكاء الصناعي الذي قد يصبح خطراً في المستقبل عندما يستقل بذكاءه.
يرجى الاطلاع على الرسالة كاملة في مجلة أريد الدولية للعلوم والتكنولوجيا




الحاسبات الكمومية، الذاكرة الضوئية، سرعة الضوء، الليزر ، الفمتوثانية، المحاكاة، البت


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع