جريمة حرق القرآن الكريم وتشويه صورة الآخر المسلم هي من مرتكزات الحضارة الغربية/ الجزء الثالث
أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi
29/06/2023 القراءات: 518
إنَّ هذه الدلالات التي توجه الاتهام باللوم بشكل مباشر وغير مباشر الى الدين الإسلامي والى رسوله الكريم(ص) والذي اعُتبر بأنه هو من أسس مجتمع قائم على أسس منهجية تحمل في داخلها بذور التطرف والإرهاب وما هذه الحركات التي تدعي الإسلام من أمثال (داعش) ومثيلاتها ما هي الا سياق طبيعي ذات دلالات ثقافية وأخلاقية كبيرة عن المجتمعات الأولى للإسلام التي كان النبي محمد (ص) قد أسس لها ، وهذه الادعاءات والتشويهات لصورة الرسول الكريم ساهمت في تثبيت هذه الدلالات المشوهة التي تسيء للرسول بقصيدتها وطريقة سوقها في الذهنية الغربية لدى المواطن الغربي البسيط ، الذي بدأ ينظر للمسلم وخصوصاً بعد أحداث (11 سبتمبر2011) بأنه إرهابي حتى وإنَّ كان هذا المسلم ملتزم بالتعليمات والقوانين الغربية ، وحتى لو كان متعايشاً منذ عشرات السنين مع الأمريكي الذي ينتمي للحضارة البيضاء والديانة المسيحية ، بل ما كان من المسلمين في أمريكا أن يحاولوا إثبات حسن نواياهم للغربيين في كونهم ليسوا إرهابيين ، وأن من يقتل بأسم الدين الإسلامي لا يمثل كل المسلمين ، ولو أمنا بهذه النظرية بأن كل مسلم إرهابي ، لكان الآن الغرب يغرق في بحر من الدماء ، وذلك لكثرة الجاليات الإسلامية التي تعيش في الغرب منذ أزمان طويلة جداً.
لكن التحول الذي حصل في الغرب بعد أحداث (2011) أعاد الى الذهن الغربي وحفزته صورة الإسلام المشوه الذي كانت هذه الأحداث جرعة منشطة لإخراجه من عالم اللاوعي الى عالم الوعي الحضوري ، ومن ثم فإن تحفيز الحضور الميتافيزيقي الغربي بصوره المشوهة عن الآخر المسلم كان لابد لها من أعادة ظهور في أوقات معينة تحت قضية أن الشعوب الأخرى يجب أن تبقى في وضعها وخانتها وخضوعها التي رُسمت لها منذ مئات السنين ولا تسعى مرة أخرى لعصيان النظام العالمي الجديد الذي بدأ بتشييد خارطته الهندسية على ارض الواقع مع اتفاقية (سايكس بيكو) وغيرها من الاتفاقيات التي دونت لعالم جديد ، هو لنا وليس لهم ، فإن عالمهم مبني على أسس مستقرة ومندفعة بطريقة سليمة الى الأمام لكن عالمنا الجديد يجب ان يظهر بحلة جديدة ، ولكن بأوصافه القديمة ، حتى إنَّ الرسم المعني للحدود سيجعل التنافس بين أبناء المرتسم الواحد يتنافسون في مبدأ التفضيل بينهم ومن هو مؤيد من قبل المرجعيات الغربية ،وكأن مفكريهم يقولون : يتخاصمون العرب فيما بينهم ، ونحن الذين نحكم من هو صاحب الحق، حتى يكون اشتغالهم ذاتي بأنفسهم دون الالتفات الى ما يُخطط لهم مستقبلاً ، وهذا ما نعيشه اليوم، ويدفع ثمنه معنا الرسول الكريم (ص) الذي بدأنا نحمّله بعض سلوكياتنا بوعي أو بلاوعي منا ،إذ أن الكثير من التصرفات التي نسبناها له وهو برئ منها ، فنحن من صدقنا الغرب ونحن من صفقنا لهم ونحن من ثبتنا تعاليمهم علينا بحجة التفوق الثقافي ، ونحن من أمددنا الغرب بثرواتنا وهو يتصدق علينا ونحن نتسابق على إرضائه ، حتى وإنَّ كان ذلك على حساب الشعوب العربية والإسلامية ، نحن من تركنا سيرة الرسول الكريم (ص) وتوجهنا لتصديق ما يقوله العالم الفلاني الغربي ، من جمل وعبارات هي مكرر في أقوال رسولنا (ص) ، بل أصبحنا نتعجب من أن المفكر الغربي قد مدح الرسول الكريم (ص) وكأنه يعطيه مصداقية في نفوسنا بدلاً من أن نقول بعبارة العالم الغربي بأن الرسول (ص) هو من يجب أن تقيم على شخصيته وكلامه وأخلاقه صور الآخرين ، وليس هو من يقيم على لسان العالم الغربي الفلاني ،ونحن نصدق بالمفكر الغربي ونندهش لوصف الرسول (ص) بهذا المعنى أو ذاك . ومن ثم فإن التشويه وقصديه الإساءة في الثقافة الغربية بحق الرسول (ص) كان لها وقعها في الواقع الثقافي الغربي على الرغم من قلة المدافعين عن الرسول (ص) من الغربيين الذين لا ننكر وجودهم في هذا المجال .
ومن ثم فإن كل ما يحصل من صورة التشويه وجريمة تدنيس القرآن الكريم وحرقه ، وتشويه صورة الرسول الكريم من خلال الرسوم المسيئة وغيرها من الأفعال السيئة ، أنها أفعال ليست بجديدة ولا هي قضية عابرة ، بل هي من مرتكزات نظرة ثقافية مبنية على أساس التفوق العرقي للغربي الذي يرى العالم الذي يقع خارج الحضارة الغربية هو عالم يقع في المراتب الدنيا ، وهذه الأفعال ستستمر لإن الآخر المسلم العربي خاضع لسياسة التهميش والأقصاء الحضاري .
تشويه ، صورة ، الحضارة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة