صحبة العلماء
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
28/07/2024 القراءات: 572
صحبة العلماء نعمة كبيرة من نعم الله على الطالب، وكلما طالتْ أثمرتْ، ولننظر هذه الأخبار:
-روى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: اختلفتُ [ترددتُّ] إلى الحسن عشر سنين، أو ما شاء الله، فليس مِنْ يومٍ إلا أسمعُ منه ما لم أسمعْ قبل ذلك. سير أعلام النبلاء (4/ 574-575).
-وقال عبدالملك بن جريج (ت: 150): اختلفتُ إلى عطاء [بن أبي رباح] ثماني عشرة سنة، وكان يبيتُ في المسجد عشرين سنة.
وقال: جالستُ عمرو بن دينار بعدما فرغتُ مِنْ عطاء تسع سنين. سير أعلام النبلاء (6/ 327).
-وروى إبراهيم بن رستم، عن خارجة بن مصعب، قال: صحبتُ ابنَ عون أربعًا وعشرين سنة، فما أعلمُ أن الملائكة كتبتْ عليه خطيئة. سير أعلام النبلاء (6/ 366).
-وحدَّث أبو معاوية الضرير (ت: 194) عن الأعمش، وكان أثبتَ أصحابه، لأنه لازمه عشرين سنة. الوافي بالوفيات (2/ 235).
-وقال أبو البركات الأنباري في ترجمة الإمام اللغوي النحوي محمد بن المستنير المعروف بقطرب (ت: 206): "أخذَ النحو عن سيبويه، وعن جماعةٍ من علماء البصرة؛ وسُمِّي قطربًا لأن سيبويه كان يخرج فيراه بالأسحار على بابه. فيقول: إنما أنتَ قطربُ ليل، والقطربُ دويبةٌ تدبُّ ولا تفترُ". نزهة الألباء (ص: 77).
-وقال في ترجمة الإمام أبي موسى سليمان الحامض (ت: 305)، (ص: 182): "حكى أبو علي النقاد قال: دخل أبو موسى الكوفة، وسمعتُ عليه "كتاب الإدغام" عن ثعلب عن سلمة عن الفراء... وقلتُ له: أراكَ تلخصُ الجوابَ تلخيصًا ليس في الكتب، فقال: هذه ثمرةُ صحبة أبي العباس ثعلب أربعين سنة".
-وقال في ترجمة الإمام أبي الفتح ابن جني (ت: 392)، (ص: 245): "أخذ عن أبي علي الفارسي، وصحبَه أربعين سنة".
-وقال في ترجمة النحوي علي بن عيسى الرَّبَعي (ت: 420)، (ص: 249): "خرج إلى شيراز، فأخذ عن أبي علي الفارسي مدة طويلة، نحوًا من عشرين سنة، فقال له أبو علي: ما بقيَ لك شيء تحتاج أنْ تسأل عنه...".
-وقال الصفدي: «إبراهيم بن محمد بن سفيان أبو إسحاق النيسابوري، الفقيه الزاهد، أحد أصحاب أيوب بن الحسن الزاهد، كان مجابَ الدعوة، كثيرَ الملازمة لمسلم. توفي رحمه الله تعالى سنة ثمان وثلاث مئة». الوافي بالوفيات (6/ 84).
-وقال: «أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم، أبو بكر اللؤلؤي القيرواني النحوي اللغوي الشاعر، إمام بارع في الحديث والفقه والعربية، مات كهلًا سنة ثماني عشرة وثلاث مئة، وكان كثيرَ الملازمة لأبي محمد المكفوف، وعنه أخذ». الوافي بالوفيات (6/ 126).
-وقال القاضي أحمد بن علي ابن المأمون: "إنني منذ انفصلتُ من المكتب رجعتُ بقراءة النحو واللغة إلى شيخنا أوحد الزمان أبي منصور ابن الجواليقي رحمه الله، وصحبتُه إحدى عشرة سنة، وقرأتُ عليه كتبًا كثيرة مِن حفظي وغير حفظي، حتى توليتُ القضاء سنة أربع وثلاثين وخمس مئة". معجم الأدباء (1/ 449).
-وقال الصفدي: «أحمد بن هبة الله بن العلاء بن منصور المخزومي، أبو العباس، الأديب النحوي المعروف بالصدر، ابن الزاهد، توفي سنة إحدى عشرة وست مئة. كان له اختصاصٌ عظيمٌ بابن الخشاب، لا يفارقه، فحصل علمًا جمًّا، وصارتْ له يدٌ باسطةٌ في النحو واللغة». الوافي بالوفيات (8/ 145).
-وقال ابنُ خلكان في ترجمة أبي المحاسن يوسف بن إسماعيل المعروف بالشواء، الحلبي (ت: 635): "كان أديبًا فاضلًا متقنًا لعلم العروض والقوافي شاعرًا... وكان كثير الملازمة لحلقة الشيخ تاج الدين أبي القاسم أحمد بن هبة الله المعروف بابن الجبراني الحلبي النحوي اللغوي الفاضل، وأكثر ما أخذ الأدب عنه وبصحبته انتفع، وعاشر التاج أبا الفتح مسعود بن أبي الفضل النقاش الحلبي الشاعر المشهور زمانًا، وتخرّج عليه في عمل الشعر». وفيات الأعيان (7/ 231).
-ولازم أبو الفتح السبكي (705-744) أبا حيان سبعة عشر عامًا. الوافي (3/ 290).
-وقال ابن حجر العسقلاني عن شيخه الحافظ العراقي: "قد لازمتُه عشر سنين -سوى ما تخللها من الرحلات-.
وكذا لازمه البرهانُ الحلبيُّ نحوًا من عشر سنين. الضوء اللامع (4/ 75).
-وقال ابن حجر عن الجلال عبدالرحمن بن عمر البلقيني (763-824): "صحبته عشرين سنة". الضوء اللامع (4/ 109).
-وقال السيوطي في ترجمة شيخه الكافيجي (ت: 879): «لزمتُه أربع عشرة سنة، فما جئتُه مِنْ مرة إلا وسمعتُ منه من التحقيقات والعجائب ما لم أسمعه قبل ذلك، قال لي يومًا: أعرب "زيد قائم" فقلتُ: قد صرنا في مقام الصغار ونُسأل عن هذا! فقال لي: في "زيد قائم" مئة وثلاثة عشر بحثًا، فقلتُ: لا أقومُ من هذا المجلس حتى أستفيدها، فأخرج لي "تذكرته" فكتبتُها منها. وما كنتُ أعدُّ الشيخ إلا والدًا بعد والدي، لكثرة ما له عليَّ من الشفقة والإفادة». بغية الوعاة (1/ 118).
-ومن المشهور تلقيب عدد من العلماء بغلام فلان. وهذا إشارة إلى طول الصحبة والخدمة بحيث صار كأنه غلامه المملوك.
قال الأستاذ أبو الأجفان في تقديم "الفروق الفقهية" لأبي الفضل مسلم بن علي الدمشقي (ص: 37):
«إن صلة أبي الفضل بالقاضي [عبدالوهاب البغدادي] لم تكن كعلاقة طالب بأستاذه بل تجاوزتْ ذلك، وتوطدتْ عراها وطال مداها، واصطبغتْ بتقديرٍ بالغٍ، حمله هذا التلميذ نحو شيخه، وجعله يتفانى في خدمته حتى اشتهرت هذه العلاقة السامية الحميمة بينهما، وصار الدمشقي معروفًا بين الناس بـ (غلام عبدالوهاب)».
-وقال ياقوت في ترجمة أبي علي أحمد بن جعفر الدينوري ختن ثعلب على ابنته: "أحد النحاة المبرزين المصنفين. [ذكره الزبيدي] ...
قال: وكان أبو عليّ الدينوري يخرجُ من منزل ثعلب وهو جالسٌ على باب داره فيتخطى أصحابَه ومعه محبرته فيقرأ كتاب سيبويه على أبي العباس المبرد، فيعاتبُه ثعلب ويقول: إذا رآك الناسُ تمضي إلى هذا الرجل وتقرأ عليه وتتركني يقولون ماذا؟ فلم يكن يلتفتُ إلى قوله.
قال: وكان أبو علي هذا حسنَ المعرفة، قال: قال المصعبي: فسألتُ أبا علي: كيف صار المبردُ أعلمَ بكتاب سيبويه مِن ثعلب؟ فقال: لأنَّ المبردَ قرأه على العلماء، وثعلب قرأه على نفسه». معجم الأدباء (1/ 206).
صحبة العلماء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع