الصورة وآفاق التحليل السيميائي .
ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal
05/01/2024 القراءات: 460
لم تعد الصورة لدى الشعراء والأدباء كما كانت في قديم العصور، وحتى الصورة الفوتوغرافية التي نلتقطها بالموبايل أضحت تمثل أشياء كثيرة، وتداخلت فيها تقنيات العصر بكل ما فيها من جميل وقبيح، و بذلك أصبح بها من العلامات والدلالات ما لايمكن حصره في الأطر التقليدية المعهوده، فالصورة الشعرية في ظل "عالم المتغيرات،عالم الحياة الرقمية والتسوق الإلكتروني،الذي تغذيه خطابات العولمة، والتكنولوجيات الجديدة، من أن نتوقف ونقرأ صورة،أونفهمها ونتأولها، وهي تحاصرنا في كل مكان، مخاطبة غرائزنا قبل عقولنا،تغرينا فنغتر،لتسلب إرادتنا لنقتنع بشراء منتوجاتها؟ إنها حضارة الصورة تعود من بعيد،لتزحزح حضارة الكتابة شيئا فشيئا،فقد آن الأوان لنكون وعيا بصريا،وثقافة بالصورة،قصد الإنخراط في حضارتها وفهم لغتها المتكثرة،لأن الشريك/الآخر (الإقتصادي،والتجاري،والثقافي…) لن يمهلنا لنلتقط أنفاسنا حتى يغرقنا في عالم من الصور والبصريات الإفتراضية،لهذا لابد من أن نستعد من الآن،إن على مستوى قراءة الصور وتحليلها،وإن على مستوى تأويلها وتداولها،فالصورة نحيا بها وتحيا بنا،ما فقهناها قراءة وتأولا( ).
إن الصورة في الماضي كان يلتقطها الشعراء والكتاب من البيئة المحيطة بهم والواقع المتواجد من حولهم، أما الآن فالصورة تعطينا سيلا من العلامات لا حصر لها، وغدت معقدة في تكويناتها مثل الواقع الذي نعيشه، ووفقًا للتصور السابق فإن ذلك يقودنا إلى القول بإن " تعدد القراءات واختلاف المتلقين يجعل الصورة قابلة لقراءات متباينة. ولا يعني التعدد فوضوية القراءة وانفتاحها المستمر، لأن الصورة تستثمر مجموعة من المعارف التي تحصر هذا الكم الهائل من القراءات المفترضة وتحده. يفترض في الصورة احتمالها لإرسالية تحقق الانسجام الدلالي الذي تتوقف عليه القراءة، لأننا إذا قلنا بالتعدد المعنوي، وجدنا أنفسنا أمام فوضى معرفية تسهم في تعتيم المعنى وتشويشه.( )
ومن ذلك يمكننا القول بكل وضوح أن " الحديث عن حرفية الصورة مادام النقل يتم بوسيط يمكنه، في اختياره لزاوية نظر معينة أو تركيزه على عنصر دون آخر، أن يغني الوضع الأولي للصورة أو يضيف إليه أشياء أخرى. يؤكد هذا الطرح أن الصورة لا تقف عند حدود النقل والإحياء وإعادة العرض، وبالتالي فإن فهم العلامات التي تكون الصورة لا تقف عند حدود ربط الدوال بمدلولاتها الظاهرة ما دام الدال الواحد قادرا على استثمار مدلولات متعددة.كما أن الصورة ليست مجموعة من الأشياء المتجاورة التي تهدف إلى تقديم معلومات قصد تحقيق نوع من التواصل فحسب، لأن التواصل الإنساني عامة ليس مجرد تقديم بسيط للمعلومات.من هنا وجدنا بارث يميز بين نمطين من القراءات.( )
إن الصورة التي نعيشها ونناقشها صورة اتخذت تصورات جديدة كالزاوية، والإطار وغير ذلك من التفسيرات المحدثه، وهكذا نجد " تعدّد تمثلات العلامة الأيقونيّة في الواقع المعيش، فالصّورة بطابعها السّيميائيّ التّقنيّ ذات دلالاتٍ تَتابعُ وتَتقاطعُ بصورة منظّمة؛ لتنتج المعنى، وكلّ منها يَستبطنُ سلسلةً من الحقول الرّمزيّة المترابطة؛ لتشكّل معًا الأنساق الدّلاليّة المبثوثة في حياتنا الاجتماعيّة والثّقافيّة والسّياسيّة اليوميّة؛ وتكشف الأبعاد الخفيّة المركّبة البراغماتيّة الّتي يبثّها الانفتاح التّقنيّ المعاصر غير المقنّن في سمات التّواصل الحركيّ بأشكاله المتنوّعة؛ إذ بات يعتمدّ الصّورة والرّسم، والإشهار، واللّون، والصّوت، والمشهد التّمثيليّ، وإيماءات الجسد أكثر من التّواصل اللّفظيّ؛ ليتماشى هذا وعصر التّقانة والسّرعة. كما غدت الصّورة تخترق الواقع الافتراضيّ، وتُقدَّم بطريقة منمذجة ونمط جديد؛ فعملها صار وظيفيًّا وشكليًّا؛ تؤدّيه كقيمة اعتباريّة؛ ولم يعد لها قيمة حقيقيّة للاستخدام والتّداول؛ ولعلّها بذلك تمحو الجزء الأكثر حقيقة من إشارات الصّورة البِكر الّتي لم تعبث بها أيدٍ؛ فباتت تؤسّس لصورة اصطناعيّة افتراضيّة واحدة مثاليّة؛ تفتقر إلى التّخصّص والتّعبير المؤثّر والاختلاف، وإنّ بلاغة التّواصل المرئيّ فيها ترمي إلى بيان كيفيّة اشتغال المنظومات البلاغيّة على الأيقونيّ والشّكليّ من منظور سيميائيّ، ثم الإفادة من البلاغة اللّسانيّة الّتي تدرس الانزياح المكانيّ في الصّورة، اعتمادًا على الدّرجتين المدركة والذّهنيّة المتصوّرة، في محاولة استنطاق ما لا ينطق، وتجلية تأثير إيحاءات صور الواقع فيمَن ينطق.( )
إن "تفسير العلامة باعتبارها الاصطلاح المرکزى للسيميائية التى ظهرت بمفهومها الحديث ، حيث ان الصورة الفوتوغرافية تعد علامة بصرية فى حد ذاتها کما انها تشتمل على رموز ذات معانى خفية يمکن تحليلها من خلال السيميائية الحديثة والتى کانت فى الاصل مستعارة من اللغة ، ....[كما أن ] اتجاهات الصورة الفوتوغرافية وتحليل دلالاتها ايقونولوجيا والوصول للمعانى الباطنية الخفية ، فالصورة الفوتوغرافية تعد وعاءا متعدد الدلالات و التى ترمز فى کافة الاحوال الى شئ خفى فهى تحتوى على بواطن غير مرئية وراء الرموز المرئية للعين المجردة ، فمن خلال ذلک يمکننا اخضاعها للتعريف والتحليل والتعقيب باعتبار دلالاتها تستوجب السؤال ، فمن خلال المنهج السيمياء وتطبيقة على الصورة الفوتوغرافية واتجاهاتها التشکيلية التى تنطوى تحت الثقافة المجتمعية المتاصلة ذات التاريخ الثقافى يمکن تفسير دلالاتها .( )
إن " الصورة الفنية من اكثر الفنون التشكيلية استخداما للبنيه التخيلية التي تعكس صياغة الأفكار والتعبير لدي الفنان وهي قادرة على شد المتلقي وتحفيز مكنونه الذهني وتمنح من يشاهدها التأمل والتفكير في معانيها ، عبر دفعه الى مستويات خيالية تحدث من خلاله نشاطا خلاقا مقصودا لذاته يعمل على تجاوز الواقع المادي والفكري ، ويمكن القول بأن الربط بين الدال والمدلول للحصول على لغة تشكيلية تبقى مهيمنه على ما سواها من الوظائف ولاسيما التعبيرية ، باعتبار ان السيمياء علم يبحث في ماهية الاشياء الممتدة بين المسافة الفاصلة بين الدا
الصورة سيميائي. متعدد
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع