الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد:
فموضوعُنا (التوثيق العلمي: أهميته وطرقه) موجّهٌ إلى الباحثين من أهل الدراسات العليا وغيرها، والمرجوُّ أن يجدوا فيه فائدة تعينهم فيما هم بصدده.
وسيكون الكلام في ذلك تحت العناوين الآتية:
أولًا: مبادئ التوثق والتوثيق.
ثانيًا: نصوص العلماء في عزو النقول والاعتراف بالفضل.
ثالثًا: تاريخ التوثيق.
رابعًا: جوانب في التوثيق.
وقد تحدَّثَ عن التوثيق عددٌ من المعاصرين كعبدالسلام هارون في "تحقيق النصوص ونشرها"، وعبدالله عسيلان في "تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل".
وفي هذا البحث جوانبُ أخرى، وشواهدُ وأمثلةٌ لم يتناولوها.
وقد يُسأل عن التوثُّق والتوثيق، والفرقِ بين التوثيق العلمي وغيره، فأقول:
التَّوثُّق إرادةُ المرء الوصول إلى ما يتأكد به من صحة الخبر، أو المعلومة، أو المبدأ، أو الاعتقاد.
والتوثيق: قيامُه بذكر الأدلة على ذلك، وهذه الأدلة متنوعة متعددة، على حسب المجال الذي يَقصده الباحث، فهناك أدلة من الكتاب والسنة، وتُطلَب هذه في مجال الاعتقاد، ثم إن هذه الأدلة قد تكون أخبار آحاد، وقد تكون متواترة.
والذي يعنينا هنا عزو النقول، وذكرُ المصادر، وردُّ الأقوال إلى قائليها، والأخبار إلى ناقليها، والآراء إلى مورديها، وهكذا.
وهناك فرقٌ بين التوثيق العلمي وغيره، فالتوثيق في البحث ذكرُ المصادر، والتوثيق في الإعلام نقلُ الخبر بالصوت والصورة، والتوثيق في الاجتماعات بكتابة المحاضر، والتوثيق في المحاكم بإثبات شهادات الشهود، وهكذا .
عبدالحكيم الأنيس