نقول من "الكشكول" للسامرائي
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
02/02/2025 القراءات: 136
هذه نقولٌ أخذتها من الجزء الثاني من "كشكول" العلامة الشيخ عبدالعزيز بن سالم السامرائي النيساني، قبل سنة (1985م). ثم فُقد.
-قال رحمه الله في (2 / 10):
"رسالة من حبيب:
أحمد الله تعالى، قد جاءني كتاب -أي رسالة- مِن سيدي ومولاي وشيخي ومرشدي السيد أحمد عزت آل السيد محمد أمين السيد عبدالغفور الخضر السيد محمود آل رجب الراوي الرفاعي المولود سنة (1304هـ)، المدرس الأول في مدرسة سامراء العلمية الدينية، إلى (هيت) في (5) من محرم الحرام سنة (1367)، وفي بعضه ما يلي:
حالي الآن كما تعهد:
أدخل المدرسة فجرًا، وأخرج منها بعد صلاة العشاء، أدخلُ البيت رأسًا إلى غرفتي الخاصة وحدي لا أنيس معي ولا جليس إلا الله، والكتب بين يدي إنْ عجزت من هذا طرحته وأخذت الثاني إلى أن يغلبني النوم، وعلى الله التكلان، ولا زلت أتمثل بهذه الأبيات:
ما تطعمتُ لذة العيش حتى ... صرتُ في وحدتي لكتبي جليسا
ليس شيء أعز عندي من نفـ ... ـسي فلم أبتغ سواها أنيسا
إنما الذل في مداخلة النا ... ـس فدعها وعشْ كريمًا رئيسا
فاستعذْ من شرار الناس، وكن من خيارهم على حذر؛ لأنَّ الناس كانوا ورقًا لا شوك فيه، ولكنهم اليوم شوك لا ورق فيه.
فأرى الناس الآن على أربعة أقسام:
آساد، وذئاب، وثعالب، وضأن.
فالآساد: الملوك والحكّام، ومَنْ هو على شاكلتهم.
والذئاب: التجار ومَنْ شاكلهم.
والثعالب: القراء المخادعون، ومَن نحا نحوهم ممن شاكلهم.
والضأن: المؤمن ينهشه كلُّ مَن يراه، فنسأل الله السلامة والاستقامة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
5 منه. التوقيع.
أبقاه الله ذخرًا لنا وللمسلمين آمين بجاه سيد المرسلين".
***
-وأقول:
من عادة العراقيين في صلاة التراويح أنْ يقول المبلِّغ بعد كل أربع ركعاتٍ كلمات، وقد أورد الشيخ عبدالعزيز هذه الكلمات تحت عنوان: تبليغ التراويح، وقد صنع لذلك جدولًا، كالآتي:
بعد الأربع الأولى: رفيق المصطفى في الضيق، أبو بكر الصديق، ترضوا عنه، الصلاة جامعة.
وبعد الأربع الثانية: الناطق بالحق والصواب، عمر بن الخطاب، ترضوا عنه، الصلاة جامعة.
وبعد الأربع الثالثة: جامع القرآن، عثمان بن عفان، ترضوا عنه، الصلاة جامعة.
وبعد الأربع الرابعة: أسد الله الغالب، علي بن أبي طالب، ترضوا عنه، الصلاة جامعة".
قلت: واحتمال التغيير وارد حسب "تفنن المبلِّغ".
وقولهم: "جامع القرآن" غير دقيق، وجامع القرآن هو الخليفة الأول أبو بكر الصديق.
روى البخاري عن زيد بن ثابت في "الصحيح" (6/ 89) قال: "أرسل إليَّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أنْ يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها، فيذهب كثير من القرآن إلا أنْ تجمعوه، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت الذي رأى عمر". إلى أن قال زيد:
"فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب، وصدور الرجال، حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم} إلى آخرهما. وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر".
والذي تمَّ على يد الخليفة الثالث عثمان إنما هو نسخ ما جمعه أبو بكر وجمع الناس عليه.
انظر "المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز" لأبي شامة (ص: 68).
***
-وداع رمضان:
في الأيام الأخيرة من رمضان ينشد العراقيون بعد التراويح قبل الوتر أبياتًا لطيفة -ولا أدري مَن قالها- بلحن جميل، له وقع مؤثر، وقد تتساقط معها دموعهم، ثم رأيت نصَّها عند الشيخ عبدالعزيز في "كشكوله" (2/ 29)، ومنه أنقلها:
وداع شهر رمضان المبارك
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
÷÷÷
شهر الرضا والله عنا عفا ... والعيش من بعد التكدر صفا
فزنا به واللهُ منه الوفا ... يا ليته للناس قد كان دامْ
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
+++
شهر رمضان الخير يا مَن سما ... يا مَن له مولاه قد عظما
اشفع لنا عند إله السما ... من الذنوب الموبقات العظامْ
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
+++
تصرف والله عنا طيبُ اللقا ... فما بقا للشمل من ملتقى
وفي الحشا جمر الغضا يحرقا ... فكيف لا نبكي بدمع سجامْ؟
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
+++
يا أمة الهادي عليه السلامْ ... قد جد بالرحلة شهر الصيامْ
وفي غدٍ تُطوى تراويحه ... وينقضي عنا بأمر تمامْ
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
+++
فصلِّ يا رب على المجتبى ... محمد قد جاءنا بالنبا
ما حرَّك الغصنَ نسيمُ الصبا ... وعطر الأكوانَ نشرُ الخزامْ
فودِّعوه ثم قولوا له ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
***
قلتُ [القائل الأنيس]: وفي كتاب: "في سبيل الإصلاح" للشيخ علي الطنطاوي في مقال: "صديقي رمضان" المنشور سنة (1939) (ص: 229): "وحدثْ عن الليالي الأواخر في دمشق، ولا حرج، وبالغْ ولا تخش كذبًا، فإنَّ الحقيقة توشك أنْ تسبقك مبالغة، تلك هي ليالي الوداع يجلس فيها الناسُ صفوفًا حول السدة بعد التراويح، ويقوم المؤذنون والمنشدون فينشدون الأشعار في وداع رمضان بأشجى نغمة وأحزنها، ثمَّ يردد الناس كلهم:
يا شهرنا ودعتنا عليك السلام ... يا شهرنا هذا عليك السلامْ
ويتزلزل المسجد من البكاء حزنًا على رمضان".
وعلَّق [الطنطاوي] في الحاشية على هذا بقوله: "وذلك كلُّه من البدع"!
***
-وقال الشيخ عبدالعزيز في "كشكوله" (2/ 94): "الشيخ أمجد بن سعيد بن فيض الله الزَّهاوي من مواليد (1300) هجرية، وتوفي يوم الجمعة مغربًا في (15) شعبان سنة (1387) الموافق (17) من تشرين الثاني (1967) ودُفن في مقبرة أبي حنيفة باجتماعٍ حافلٍ".
***
تراجم. العراق. العصر الحديث.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة