مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


[فصل في عدم صحة توبة المصر وكيفية التوبة من الذنوب]

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


10/05/2023 القراءات: 202  


[فصل في عدم صحة توبة المصر وكيفية التوبة من الذنوب]
ولا تصح التوبة من ذنب أصر على مثله. ولا يقال للتائب ظالم ولا مسرف، ولا تصح من حق الآدمي، ذكره في المستوعب والشرح وقدمه في الرعاية. وقطع به ابن عقيل في الإرشاد وفي الفصول وهو الذي ذكره النووي في رياض الصالحين عن العلماء ونص عليه أحمد
قال عبد الله: سألت أبي عن رجل اختان من رجل مالا، ثم أنفقه، وأتلفه، ثم إنه ندم على ما فعل وتاب وليس عنده ما يؤدي فهل يكون في ندمه وتوبته ما يرجى له به إن مات على فقره خلاص مما عليه؟ فقال أبي: لا بد لهذا الرجل من أن يؤدي الحق وإن مات فهو واجب عليه.
وقال في رواية محمد بن الحكم فيمن غصب أرضا: لا يكون تائبا حتى يردها على صاحبها، إن علم شيئا باقيا من السرقة ردها عليه أيضا، وقال فيمن أخذ من طريق المسلمين: توبته أن يرد ما أخذ. فإن ورثه رجل، فقال في موضع لا يكون عدلا حتى يرد ما أخذ وقال في موضع: هذا أهون، ليس هو أخرجه، وأعجب إلي أن يرده.
وقال أحمد في رواية صالح فيمن ترك الصلاة وسأله صالح توبته أن يصلي؟ قال: نعم، وقيل: بلى والله تعالى يعوض المظلوم قاله ابن عقيل.
وقال في الهداية ومظالم العباد تصح التوبة منها على الصحيح في المذهب وهو قول ابن عباس، ومن مات نادما عليها كان الله عز وجل المجازي للمظلوم عنه كما ورد في الخبر «لا يدخل النار تائب من ذنبه» .
وقال في الرعاية الكبرى فعلى المنع يرد ما أثم به وتاب بسببه، أو بذله إلى مستحقه أو ينوي ذلك إذا أمكنه وتعذر رده في الحال وأخر ذلك برضاء مستحقه، وأن يستحل من الغيبة والنميمة ونحوهما قال ابن أبي الدنيا:
حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا أسباط عن أبي رجاء الخراساني عن عباد بن كثير عن الحريري عن أبي نضرة عن جابر وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا، فإن الرجل قد يزني فيتوب فيتوب الله عز وجل عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه» عباد ضعيف وأبو رجاء قال العقيلي: منكر الحديث ثم ذكر حديثه «موت الغريب شهادة» .
وقيل إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه، وذكر الشيخ تقي الدين أنه قول الأكثرين، وذكر غير واحد: إن تاب من قذف إنسان أو غيبته قبل علمه به هل يشترط لتوبته إعلامه والتحليل منه؟ على روايتين، واختار القاضي أنه لا يلزمه لما روى أبو محمد الخلال بإسناده عن أنس مرفوعا «من اغتاب رجلا ثم استغفر له من بعد غفر له غيبته» وبإسناده عن أنس مرفوعا «كفارة من اغتاب أن يستغفر له» ولأن في إعلامه إدخال غم عليه قال القاضي: فلم يجز ذلك وكذا قال الشيخ عبد القادر - رضي الله عنه -: إن كفارة الاغتياب ما روى أنس وذكره، وخبر أنس المذكور ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وفيه عنبسة بن عبد الرحمن متروك وذكر مثله من حديث سهل بن سعيد وفيه سلمان بن عمرو كذاب، ومن حديث جابر وفيه حفص بن عمر الأيلي متروك.
وذكر أيضا حديث أنس في الحدائق وقال: إنه لا يذكر فيها إلا الحديث الصحيح وقال ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس: قال حذيفة - رضي الله عنه -: كفارة من اغتبته أن تستغفر له.
وقال عبد الله بن المبارك لسفيان بن عيينة: التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته. فقال سفيان: بل تستغفر مما قلت فيه، فقال ابن المبارك: لا تؤذوه مرتين.
ومثل قول ابن المبارك اختاره الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشافعي في فتاويه.
وقال الشيخ تقي الدين بعد أن ذكر الروايتين في المسألة المذكورة قال: فكل مظلمة في العرض من اغتياب صادق وبهت كاذب فهو في معنى القذف إذ القذف قد يكون صدقا فيكون في المغيب غيبة
وقد يكون كذبا فيكون بهتا، واختار أصحابنا أنه لا يعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحسانا إليه في مقابلة مظلمته كما روي في الأثر.


[فصل في عدم صحة توبة المصر وكيفية التوبة من الذنوب]


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع