مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻أوائل المهاجرين

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


16/02/2023 القراءات: 280  


سلسلة السيرة النبوية

🔻أوائل المهاجرين

كان من أول المهاجرين أبو سلمة رضي الله عنه هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة وزوجته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها (فقد تزوجها الرسول صلي الله عليه وسلم بعد أن توفى زوجها )وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره‏:‏ هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه‏؟‏ علام نتركك تسير بها في البلاد‏؟‏ فأخذوا منه زوجته، وغضب آل أبي سلمة لرجلهم،فقالوا‏:‏ لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به‏.‏ وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة‏.‏

وكانت أم سلمة رضي الله عنها و بعد ذهاب زوجها وضياع ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكى حتى تمسى، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق لها أحد ذويها وقال‏:‏ ألا تخرجون هذه المسكينة‏؟‏ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها، فقالوا لها‏:‏ الحقى بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته

وخرجت تريد المدينة ـ رحلة تبلغ حوالى خمسمائة كيلو متر تمر بين شواهق الجبال ومهالك الأودية ـ وليس معها أحد من خلق الله ‏.‏ حتى إذا كانت بالتَّنْعِيم لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وبعد أن عرف حالها رافقها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلى قباء، قال‏:‏ زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعًا إلى مكة‏.‏

فكانت رضي الله عنها تقول: "والله ماعلمت أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة ،وما رأيت صاحبا قط أكرم من عثمان بن طلحة"

وتواعد عمر بن الخطاب، وعَيَّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل رضي الله عنهم موضعًا اسمه (التَّنَاضُب )يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة، فاجتمع عمر وعياش، وحبس عنهما هشام‏.‏

ولما قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش ـ وأم الثلاثة واحدة، وهي أسماء بنت مُخَرِّبَة ـ فقالا له‏:‏ إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك، فَرَقَّ لها‏ ، فقال له عمر رضي الله عنه‏:‏ يا عياش، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبي عياش رضي الله عنه إلا الخروج معهما ليبر قسم أمه، فقال له عمر‏ رضي الله عنه:‏ أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتى هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها‏.‏

فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل‏:‏ يابن أمي، والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه‏؟‏ قال‏:‏ بلى، فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة نهارًا موثقًا، وقالا‏:‏ يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا‏ ، وفتناه فافتتن.

قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتَتَن صرفاً ولا عدلاً ولا توبةً؛ قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم ، وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم
{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} الزمر 53-55

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام ابن العاص.
قال فقال هشام رضي الله عنه : فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى(واد بمكة) أصعد بها فيه وأصوب ولا أفهمها. حتى قلت: اللهم فهمنيها.

قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول لأنفسنا ويقال فينا.
قال: فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذه نماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك‏.‏ ولكن على رغم ذلك خرج الناس أرسالًا يتبع بعضهم بعضًا‏.‏ وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلى ـ أقاما بأمره لهما ـ وإلا من احتبسه المشركون كرهًا، وقد أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج، وأعد أبو بكر جهازه‏.‏


سلسلة السيرة النبوية 🔻أوائل المهاجرين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع