مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(34)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


06/04/2023 القراءات: 211  


ومنها: الاستغفار، وطلبُ المغفرةِ، ودعاءُ الصائم مستجابٌ في صيامه وعند فطره. وفي حديث أبي هريرة: ويغفر فيه إلا لمن أبى.
قالوا: يا أبا هريرة ومن يأبى؟ قال: يأبى أن يستغفر الله. ومنها: استغفارُ الملائكة للصائمين حتى يفطروا. لما كثرت أسبابُ المغفرة في رمضانَ، كان الذي تفوتُه فيه المغفرة محرومًا غاية الحرمان.
صعدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: «آمين، آمين، آمين. فقيل له. فقال: إن جبرائيل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات، فدخل النار، فأبعده الله. قل: آمين فقلت: آمين» الحديث. رواه ابن حبان.
وقال قتادة: كان يقالُ من لم يغفرْ لَه في رمضان فلن يغفر له فيما سواه؛ وفي حديث آخر «من لم يغفرْ له في رمضان، فمتى يُغفرْ له؟» .
متى يغفر لمن لم يغفر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل من رُدَّ في ليلة القدر؟ متى يصلُح من لا يصلحُ في رمضان؟ متى يصلحْ من كان فيه من داء الجهالة والغفلةِ مرْضان؟
ترحَّلَ الشَّهرُ وَا لهْفَاهُ وانصرمَا ... واختصَّ بالفوزِ بالجنات مَنْ خَدَما
وأصبح الغافلُ المسكينُ منكسرا ... مثلي، فيا ويْحهُ، ياعُظْمَ ما حُرِما
من فاته الزرعُ في وقت البذارِ فما ... تراهُ يحصد إلاّ الهمّ والنَّدَمَا
---
وفي الحديث الصحيح: «أنه تفتَّحُ فيه أبوابُ الرحمة» وفي الترمذي «إِن للهِ عتقاءَ من النار، وذلك كلَّ ليلة» .
وفي حديث ابن عباس المرفوع: «إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار ألفَ ألفَ عتيقٍ من النار، فإذا كان يومُ الجمعة أعتق الله في كل ساعة منها ألفَ ألفَ عتيقٍ من النار، كلُّهم قد استوجب العذاب. فإذا كان آخرُ ليلة من شهر رمضان: أعتق اللهُ في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهرِ إلى آخره» أخرجه سلمةُ بنُ شبيب وغيرُه.
ورَوى البزّارُ عن أبي سعيد مرفوعًا: «إن لله تبارك وتعالى عُتقاء كلَّ يومٍ وليلة، يعني في رمضان، وإنَّ لكل مسلم في كلِّ يومٍ وليلةٍ دعوةً مستجابة» .
وإنما كان يومُ الفطر من رمضان عيدًا لجميع الأمة: لأنه يعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار، كما أنَّ يوم النحر هو العيدُ الأكبر، لأنّ قبله يوم عرفة، وهو: اليوم الذي لا يرى في يوم من أيام الدنيا، أكثر عتقاء من النار منه، فمن أعتق من النار في اليومين، فله يومُ عيد، ومن فاته العتقُ في اليومين، فله يومُ وعيد.
لما كانت المغفرةُ والعتقُ كلُّ منهما مرتبٌ، على صيام رمضان وقيامه: أمر الله سبحانه عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فشكْرُ من أنعم على عبده بتوفيقهم للصيام والقيام، وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم وعتقهم من النار: أن يذكروه ويشكروه، ويتَّقوه حقَّ تقاته.
يا من أعتقهُ مولاهُ من النَّار، إياك أن تعودَ بعد أن صرت حرًّا، إلى رقِّ الأوزار، أيبعدُك مولاك من النّار، وأنت تقربُ منها؟ وينقذُك منها، وأنت توقعُ نفسك فيها، ولا تحيدُ عنها؟ إن كانت الرحمةُ للمحسنين فالمسيءُ لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة للمتقين، فالظالم لنفسه غيرُ محجوب عنها.

إن كانَ لا يرجوكَ إلا مُحسنٌ ... فمن الذي يرجوُ ويدعو المذنبُ؟

لم لا يُرجَى العفوُ من ربِّنا؟ وكيف لا يُطمع في حلمه؟
وفي الصحيح: «أنه تعالى بعبده أرحمُ من أمه» {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} .
فيا أيُّها العاصي- وكلُّنا كذلك- لا تقنط من رحمة الله لسوء أفعالك، فكم في هذه الأيام من معتق من النار، من أمثالك؟ فأحسن الظن بمولاك وتب إليه، فإنه لا يهلك على الله إلا هالك.

إذا أوجعتْك الذنوب فداوِها ... برفع يَدٍ بالليل والليلُ مظلمُ
ولا تقنطن من رحمة الله، إنما ... قنوطك منها من ذنوبك أعظم
---


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(34)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


إن كانَ لا يرجوكَ إلا مُحسنٌ ... فمن الذي يرجوُ ويدعو المذنبُ؟ لم لا يُرجَى العفوُ من ربِّنا؟ وكيف لا يُطمع في حلمه؟