مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(30)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


03/04/2023 القراءات: 376  


( فصل )
1- زكاة الفطر وما ورد من الآثار في شرعيتها :
زكاة الفطر واجبة بالفطر من رمضان لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر في رمضان على الناس صاعا من تمر ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين ) . متفق عليه .
وعنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) .
وعن أبي سعيد الخدري : كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من زبيب . متفق عليه .
قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز - رحمهما الله - في قوله تعالى : ﴿ قد أفلح من تزكى ﴾ : هو زكاة الفطر .
وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس ومصرفها كزكاة المال لعموم : ﴿ إنما الصدقات للفقراء ... ﴾ الآية .
ولا يمنع وجوبها دين إلا مع طلب ، وهي واجبة على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين ، فضل له عن قوته ، ومن تلزمه مئونته يوم
العيد وليلته صاع لأن النفقة أهم فيجب البداءة بها لقوله صلى الله عليه وسلم : « ابدأ بنفسك » . رواه مسلم .

وفي رواية : « .... وابدأ بمن تعول » . رواه الترمذي .
ويعتبر كون ذلك الصاع فاضلا عما يحتاجه لنفسه ، ومن تلزمه مئونته من مسكن وخادم ودابة وثياب بذلة ونحوه ، وكتب يحتاجها لنظر لأن هذه حوائج أصلية يحتاج إليها كالنفقة ، وتلزمه عن نفسه وعن من يمونه من المسلمين كزوجة وعبد وولد لعموم حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير ممن تمونون ) . رواه الدارقطني .
فإن لم يجده لجميعهم بدأ بنفسه ، فزوجته ، فرقيقه ، فأمه ، فأبيه ، فولده ، فأقرب في ميراث ، ويقرع مع الاستواء .
أما دليل البداءة بالنفس فلحديث : « ابدأ بنفسك ، ثم من تعول » .
وأما الزوجة فلوجوب نفقتها في حاله اليسر والعسر لأنها على سبيل المعاوضة .
وأما الرقيق فلوجوب نفقته مع الإعسار بخلاف الأقارب لأنها صلة تجب مع اليسار دون الإعسار .
وأما الأم فلقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين قال له : من أبر ؟ قال : « أمك » . قال : ثم من ؟ قال : « أمك » . قال : ثم من ؟ قال : « أمك » . قال : ثم من ؟ قال : « أبوك » . ولأنها ضعيفة عن الكسب .
وأما الأب فلما سبق وحديث : « أنت ومالك لأبيك » .
وأما الولد فلقربه ووجوب نفقته في الجملة .
وأما الأقرب في الميراث فلأنه أولى من غيره كالميراث .
وتستحب عن الجنين لفعل عثمان - رضي الله عنه - وعن أبي قلابة قال : ( يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه ) . رواه أبو بكر .
ولا تجب قال ابن المنذر : ( كل من نحفظ عنه لا يوجبها عن الجنين ، وتجب على اليتيم ، ويخرج عنه وليه من ماله ) .
ولا يلزم الزوج فطرة زوجة ناشز وقت الوجوب ، ولا تلزم الزوج فطرة من لا تلزمه نفقتها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها .
ومن لزم غيره فطرته كالزوجة ، فأخرج عن نفسه بغير إذن من وجبت عليه أجزأ . والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
---
2- فصل في وقت وجوب صدقة الفطر ، والأفضل منه :
وتجب زكاة الفطر بغروب شمس ليلة الفطر لقول ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ) . رواه أبو داود ، والحاكم وقال : على شرط البخاري فأضاف الصدقة إلى الفطر فكانت واجبة به لأن الإضافة تقتضي الاختصاص .
وأول فطر يقع من جميع رمضان بمغيب الشمس من ليلة الفطر ، فمن أسلم بعد الغروب أو تزوج بعد الغروب فلا فطرة وإن وجد ذلك قبل بأن أسلم أو تزوج ، أو ولد له ولد ، أو ملك عبدا ، أو أيسر قبل الغروب وجبت الفطرة لوجود السبب فالاعتبار بحال الوجوب .
وإن مات قبل الغروب هو ، أو زوجته ، أو رقيقه ، أو قريبه ونحوه ، أو أعسر ، أو أبان الزوجة ، أو أعتق العبد ، أو باعه أو وهبه لم تجب الفطرة لما تقدم .
ولا تسقط الفطرة بعد وجوبها بموت ولا غيره ، والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة لما في المتفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا ، وفي آخره : « وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة » .
وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) .
وتكره بعدها خروجا من الخلاف ولقوله صلى الله عليه وسلم : « أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم » . رواه سعيد بن منصور .
فإذا أخرها بعد الصلاة لم يحصل الاغناء لهم في هذا اليوم كله .
ويحرم تأخيرها عن يوم العيد مع القدرة ، لأنه تأخير للحق الواجب عن وقته ، وكان عليه الصلاة والسلام يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة فدل على أن الأمر بتقديمها على الصلاة للاستحباب .
ويقضيها من أخرها لأنه حق مالي وجب ، فلا يسقط بفوات وقته كالدين ، وتجزي قبل العيد بيوم أو بيومين لقول ابن عمر - رضي الله عنهما - : ( كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين ) . رواه البخاري .
وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون إجماعا ، ولأن ذلك لا يخل بالمقصود ، إذ الظاهر بقاؤها أو بعضها إلى يوم العيد .
ومن وجبت عليه فطرة غيره أخرجها مع فطرته مكان نفسه ، لأنها طهرة له ، وفطرة من بعضه حر وبعضه رقيق ، وفطرة قن مشترك . وفطرة من له أكثر من وارث أو ملحق بأكثر من واحد تقسط ومن عجز منهم لم يلزم الآخر سوى قسطه . والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
---


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(30)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع