مدونة أ.د. نغم حسين نعمة


الجامعة المنتجة ودورها في تطوير التعليم الجامعي

أ.د. نغم حسين نعمة | nagham Hussein alnama


24/10/2020 القراءات: 1891  


تعد الجامعة اليوم أحد أهم المؤسسات التي تسهم في تكوين المجتمع، وبلورة ملامحه، وهي ضمان التطور السليم له في مسيرته نحو أهدافه الساعية إلى التقدم والرقي ، وستظل مركزاً للتقدم الحضاري للمجتمع في كل نواحي الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، والاقتصادية ، كما أنها الوسيلة الأساسية لنقل وتطوير منجزات البحث العلمي التي تحدث في الدول المتقدمة . والمساعدة في تطبيق نتائج تلك المنجزات والاستفادة منها في تطوير وتنمية المجتمع ، بل والإضافة إلى هذه المنجزات بما تقوم به من أبحاث .
ولقد كانت وظيفة الجامعة قاصرة حتى وقت قريب على التعليم والتدريس والبحث فقط، وتتمثل وظيفتها في الوقت الراهن بالتدريس ، والبحث العلمي ، وخدمة المجتمع . وقد ارتبطت الوظيفتان الأولى والثانية بنظام الجامعة منذ أقدم العصور ، واستحدثت الوظيفة الثالثة لكون الجامعة جزءاً من بنية المجتمع تتفاعل مع سائر البنى الأخرى منه ، كما أن عليها واجبات تجاهه ، ولا شك أن الصلة الوثيقة بين الجامعة والمجتمع تفرض على الجامعة أن تحدث دائماً في بنيتها ووظائفها وبرامجها وبحوثها تغيرات تتناسب والتطور الحادث في المجتمع المحيط بحكم هذه العلاقة المتبادلة بينهما . وكلما كانت الجامعة أكثر التحاماً بمجتمعها كانت أكثر قدراً على تحقيق وظائفها والاستجابة إلى مطالب المجتمع منها .
وعلى الرغم من أن استحداث الوظيفة الثالثة للجامعة "خدمة المجتمع" والتي يطلق عليها البعض الوظيفة الكبرى للجامعة(3) . وذلك لأهميتها ومحوريتها ، وخاصة وأن الوظيفتين الأخريين يستهدفان خدمة المجتمع بطريقة غير مباشرة في بعض الأحيان وبطرق مباشرة في أحيان أخرى. أما عن وظيفة التدريس فقد فرضتها النظرة إلى الجامعة على أنها على رأس المؤسسات التي تتولى إعداد الفرد ليقدم عملاً نافعاً للمجتمع ، وليؤدي مهنة محددة ، أو بمعنى آخر تتولى تأهيل الفرد وإعداده للحياة المهنية والاجتماعية والشخصية ، بالإضافة إلى أنها تعد مركزاً للتواصل الفكري بين الأفراد ومناشطهم العملية ، الأمر الذي يستوجب ضرورة ممارسة الجامعة لوظيفة التدريس .
أما عن الوظيفة الثانية للجامعة والمتمثلة في البحث العلمي فقد بلغ من شدة إيمان كثير من الدول بتلك الوظيفة أن جعلت بعض جامعاتها مراكز للبحث كما أصبحت عراقة الجامعات تقاس بمدى ما أرسته تلك الجامعات من تقاليد علمية وأسس بحثية يأتي تفرغ عدد من أعضاء هيئة التدريس المتميزين في مجال البحث لعملية البحث دون سواها من الأعمال العلمية -كل في مجال تخصصه- في مقدمة تلك التقارير العلمية وليس من تجاوز إذا قلنا بأن تقدم الجامعات مرهون بنمو المراكز البحثية وبمدى ما يحدث من تطوير لتلك المراكز . وفيما يتعلق بالوظيفة الثالثة من وظائف الجامعة وهي وظيفة خدمة المجتمع ، فقد صارت جملة المهام التي تتعلق بهذه الوظيفة من المهام الكبرى والتحديات الحقيقية للجامعة وإنجازاتها ، حتى أصبح على الجامعة أن تقدم خدماتها مباشرة للأفراد في المجتمع ، سواء كان ذلك في صورة برامج تعليمية تعويضية أو تكميلية ، أو في صورة برامج تدريبية ، أو برامج لإعادة التدريب ، أو برامج تحويلية تعرض لمهن مطلوبة للمجتمع لا يتوفر لدى الأفراد متطلباتها . ولقد أدى ذلك إلى خروج الجامعة من عزلتها وأبراجها العاجية وأن تفتح أبوابها على المجتمع لأنه عندما تنعزل الجامعة عن المجتمع وتتخلى عن الموقف الناقد والوعي بما حولها وبمن حولها ، تصير معارفها متكدسة لا ترتبط بحركة الحياة المتطورة ، ويفقد العلم قيمته الاجتماعية والمعرفية أيضاً، وبذلك ينفصل التعليم عن احتياجات المجتمع ومجريات الأحداث به.
أن انخراط الجامعة في خدمة المجتمع يعني بالنسبة للطلاب التأثير على إعدادهم الوظيفي وزيادة وعيهم بمشكلات المجتمع ، وربط النظرية بالتطبيق ، وبالنسبة لأعضاء هيئة التدريس يعتبر مفهوم خدمة المجتمع أسلوباً لتطبيق المعرفة النظرية على المشكلات المجتمعية ، وبالنسبة للإداريين طريقة لتحسين العلاقات والروابط بين الحرم الجامعي والمجتمع.
ويمكن للجامعة أن تحقق وظيفتها الثالثة "خدمة المجتمع" من خلال نموذجين هما :
1- النموذج المتكامل : وفيه تكون برامج خدمة المجتمع جزءاً لا يتجزأ من أنشطة الكليات بالجامعة ، حيث يقوم أعضاء هيئة التدريس بالإشراف على هذه البرامج تخطيطاً وتنفيذاً ومتابعة وتقويماً .
2- النموذج المنفصل : وفيه تكون هناك وحدات منفصلة داخل الجامعة تتولى تنظيم هذه البرامج كما في المراكز والوحدات ذات الطابع الخاص لما تقدمه من خدمات تدريبية واستشارية وبحثية مختلفة ، أو ما تقوم به من توعية أو برامج وقائية أو علاجية .
وهكذا تؤدي الجامعات دوراً هاماً وأساسياً في التنمية وذلك من خلال وظائفها المتعددة. وهي في عصرنا الحاضر تعد من أهم المقومات الرئيسية للدول العصرية نظراً لما تلعبه من دور لا يمكن إغفاله في نقل الدول وخاصة النامية من مرحلة التخلف إلى مرحلة متقدمة من النمو . لذا تسعى الدول جاهدةً إلى التوسع في التعليم العالي وتطويره لزيادة فاعليته في إحداث التنمية الشاملة وتحديث المجتمع


الجامعة المنتجة ، تعظيم الموارد ،خدمة المجتمع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع