مدونة محمد كريم الساعدي


الواقعية التعبيرية في المعرض السنوي لفنانين ميسان / الجزء الثاني

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


19/03/2023 القراءات: 347  


قدمت في هذا المعرض العديد من الأعمال التشكيلية المتنوعة ، لكن ما ميز أعمال الفئة الأولى في أغلبها ، وهو ما سنتناوله في هذا المقال ، وحسب ما يراه الفنان التشكيلي حسن الياسري أحد المشاركين في المعرض هو الأتجاه الواقعي التعبيري الذي أتخذ منه عدد من المشاركين أسلوب يميز مشاركاتهم لهذا العام ، على أعتبار أن الواقعية التعبيرية في هذه الأعمال المشاركة تميزت في كونها تحاكي أحداث عبر عنها الفنان في تقديمه الانفعالات الإنسانية من خلال تصوير واقعية الأشياء والأشخاص في داخل اللوحة ذاتها بوسائل تعبيرية خاصة بالفنان ذاته ، كما قدمت في العديد من اللوحات ذات السمة الواقعية التعبيرية نوع من الأماكن المعبرة من خلال عن ما في وعي الرسام لاستنطاق الجمال الكامن فيها مصوراً من خلالها التفاصيل الدقيقة ، ومنها ما قدمه الفنان حسن الياسري في لوحة الولد الصغير الواقف قرب جدار منزله وباب البيت ذات الألوان الباهتة كون المكان يصور فيه حالة من الفقر يبرزه الفنان الياسري من خلال طبيعة جدار المنزل وأرضية الباب التي تبدو غير منتظمة لكن حرفية نقل الفنان للتفاصيل الخاصة بطبيعة المكان جعلته يستنطق حالة الفقر بواقعية معبرة عن وجود وطريقة ظهور الولد في اللوحة ، حتى أن ملامحه كانت دالة مع حركة يده ووقوفه المنكسر على طبيعة التعبير عما في داخله في واقعية تمثلت فيها التفاصيل الدقيقة للمكان والبيئة الدالة على هذه الحالة . إنَّ هذه العلاقات اللونية والخطوط التي تمتد بشكل متقاطع مع وقوف الولد دالة على التمركز الواقعي وتعبيرات الحالة في الموضوع ذاته ما يساعد على أن يكون الموضوع في واقعيته التعبيرية ذات لمحة إنسانية حياتية دالة لهذا الأسلوب الذي يميز لوحات أخرى للفنان الياسري .

وفي لوحة المرأة الريفية التي تصنع خبز (السياح) ، وكل ما في اللوحة هو تعبير دقيق في واقعية تناولت كل التفاصيل الخاصة بطريقة صنع الخبز عند النساء الريفيات ، وقد أستنطق الفنان تفاصيل دقيقة ومعبرة عن هذا الشيء ومنها طريقة اقتراب وجه المرأة من النار وكأن تفاصيل الوجه المعبرة المتزامنة مع حركات يديها ، وشكل الألوان المستخدمة في هذا التعبير الفني في داخل اللوحة ذاتها وخلفية الألوان وتنوعها بين اللون الرمادي الدال على الدخان والأسود في ملبسها واللون الداكن المائل الى طبيعة البيئة الريفية ، وقد كرر الياسري هذا الأسلوب من حيث التعبير عن الملامح القريبة من ذات الموضوع في لوحة ثانية للمرأة التي تخبز خبز (الطابك) وولدها الجالس جنبها ، وكأن وجهه ينطق بتعابير عالية في المعاني الدالة على البيئة مع جلسته التي يتميز بها أولاد البيئة الريفية .



أما الفنان زاهد الساعدي الذي شارك بعدد من اللوحات التي عبرت عن واقعية ذات بعد خاص بأهل المدينة وفقرائها من خلال لوحة باعة أدوات التنظيف أو ما يسمى باللهجة العامية لأهل العمارة (المكانيس) في جلستها وهي مستغرقة بحالها الرث وملابسها وما وضع أمامها من بضاعة مزجاة ، فالفنان في هذا اللوحة حاول أن يظهر تفاصيلها الدقيقة وملامح الوجه وتجاعيده ، والدقة في رسم شكل الأدوات أمامها ، مع صندوق فيه حاجياتها ، فقد أعتمد الفنان الساعدي على الألوان التي تتناغم مع واقعية اللوحة وتعبيريتها العالية في كل من اللون والخطوط وطريقة التجسيد الفني مما جعل هذه اللوحة هي أفضل ما يمكن أن يعبر عنها لواقعية هذه المرأة البسيطة .


الواقع ، التعبير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع