كتاب اكاديمي في ثلاثة اسابيع
07/11/2019 القراءات: 4407
لوهلة لما سمعت عن بعضهم قد صنفوا كتابا في خمسة عشرة يوما اعتبرته ضربا من المستحيل فما بالك اذا كان الكتاب كتابا اكاديميا يعالج موضوعا مرتبطا بتصنيف، وتفسير وترتيب وقراءة وتحليل وثائق قديمة رثة، خطها كله طلاسم تٌلزمك الدخول في دهاليز مظلمة يطلب منك فيها إعادة ترتيب مقاصدها و مناقشة سؤالاتها..
لكن مهلا مهلا كلمة مستحيل لو نريد شرحها كفعل وارادة وتحدي ستسقط امام ذوي النفوس والهمم العالية. لأشد ما كان يدهشني تلك النماذج الكثيرة التي تحدت، وركبت الصعب مثل ذلك الصحابي وهو زيد بن ثابت الذي تعلم لغة السريان في سبعة عشرة يوما كما تذكر عنه المرويات. فكان و لايزال الهاما أسندني في خوض تجربة زمنية كانجاز كتاب في خمسة عشرة يوما نعم خمسة عشرة يوما، قد أكون كلفت نفسي ما لا اطيق لكن في حقيقة الأمر كنت دون ان اشعر احضِر نفسي واجبرها على تحقيق هذه التجربة، والحق يقال انني كنت املك مفاتيح قبلية لهذه التجربة لكن الأعذار الكثيرة ( الوقت، الأسرة، العمل ..الخ) تمنعتُ بسببها سابقا عن انجاز ولو مخطط في المدى البعيد لتصنيف اي كتاب.
والحق يقال فللهمم العالية فرص وأوقات تختصر كل هذه الانشغالات، فكانت الفرصة في اطار المخيم التدريبي العلمي المنعقد لمدة شهر كامل ابتداءا من 01 اوت سنة2019 . وبطلب من ادارة المخيم وبعد عشرة أيام مصادفة لأيام العيد الأضحى تعطل العمل فيها لكن كانت فترة، وفرصة لاختيار عناوين ومواضيع اكاديمية متعددة، وفي الأخير كان اختيار موضوعا صعبا لكن الشغف والرغبة كسرت هذه الصعوبة بالرغم انه ايضا مرتبط بدراسة وتحليل مجموعة من الوثائق التاريخية فهرسة وتصنيفا، وتحليلا قسمت على اثرها الكتاب الى خمسة فصول كل فصل احتوى على عديد من العناصر قد تزيد عن الخمسة جاءت كالآتي:
-الفصل الأول اخترت له عنوان: الوثائق التاريخية ومتطلبات فهرستها أعطيت فيه تعريفا للوثائق ثم كيفية إيجادها والسؤال عنها إذا كانت أصولا ، ثم بعدها تأتي مرحلة الدراسة الأرشيفية التي لها أصولها، ومنهجها من خلال كيفية التعامل تحليلا لهذه الوثائق ظاهرا، ثم انهيت هذا الفصل بتقديم نموذج تطبيقي لفهرسة الوثيقة.
-أما الفصل الثاني فقد حاولت فيه إبراز أهم القواعد والأسس الفنية في تحليل مضمون الوثائق التاريخية من خلال دراسة الخصائص الداخلية للوثيقة، وأجزاءها القانونية التي يجب على الباحث ان يعرفها لكي يسهل عليه تحليل الوثيقة ، و كنت مراعيا في ذلك عند تحليل أي عنصر معلقا، ومستشهدا بنماذج صور للوثائق .حتى يستسهل الباحث و القارئ كل صعب يخص هذه المرحلة من مراحل معالجة الوثائق.
-اما الفصل الثالث: فقد خصصته لتاريخ وتطور الخط العربي والمغربي، بان خصصته لدراسة الخط العربي دراسة تاريخية من مرحلته التصويرية الى مرحلة التكوين، والكمال مرورا بالخط الكوفي والنسخي اللذين يعتبران أصْلاَ خط المغارب الذي عرف مرحلة النضج، والازدهار كما سيعرف بعدها مرحلة التقهقر والتراجع.
-اما الفصل الرابع: كان لدراسة خصائص خطوط الوثائق المغاربية و أنواعها نماذج تحليل ومقارنة و ركزت فيه على دراسة أنواع الخطوط الأولى في بلاد المغرب، وتفرعاتها المختلفة وأقلامها كثيرة لها مميزاتها الخاصة في كتابة الحروف، واتجاهات السطور خضعت طبعا الى شروط العفوية أو القصدية في تكوينها وتسطيرها وتصويرها.
-وفي الفصل الخامس كان لابد أن أعالج فيه موضوع آخر مهم جدا وهو: أنماط الكتابة،وأنواع الأقلام التي كتبت بها هذه الوثائق مركزا جدا على التغيرات التي تعرفها كتابة الحروف، وطريقة تصنيف وكيفية التعرف على الحروف المبهمة والصعبة في قراءتها من خلال إبراز أهم الخصائص المميزة للحروف، والتي أدت الى انبثاق أنواع أخرى من الخطوط يكتب بها جميع المغاربة كالخط المجوهر والمبسوط والثلث وغيرها...
-وفي الفصل الأخير عالجنا موضوع الأرقام الغبارية والحساب بنظام الجمل. وهو فصل اخذ منا الوقت الكثير في تبسيط أدواته، وحلحلة أرقامه ورموزه ليستوعبها القارئ الكريم فكان اختيارنا لعناصره مرتبطا بالترتيب الذي نجده في عناصر الوثيقة ، فسَبَقنَا أولا لعنصر علاقة الأرقام بالحروف وثانيتها بطريقة، وكيفية تدوين الأرقام في الوثائق التاريخية، وعلاقتها باستخدام الكسور في النظام النقدي، وكيفية حساب السنة الهجرية وتحويلها الى التاريخ الميلادي، ثم تطرقت بعدها الى عنصر نظام التشفير، وطريقة اخفاء المعلومات المستخدمة قديما في مختلف التعاملات، والذي حاولنا تبسيطه بالاعتماد، والاستئناس بأحد الوثائق. وانهينا هذا الدليل ان صح التعبير بحصر لأهم المختصرات التي ترد كثيرا في الوثائق، وبعض المفردات التي تحتاج الى تأويل صحيح.
هي اذن نتيجة تحققت لكن بعد مطبات واجهادات نفسية وجسمية كدت فيها احيانا ان اتوقف عن هذا الانجاز، فكان لا بد ان اسير وفق خطة 24 ساعة كالأتي : 06 ساعات للقراءة، 10 ساعات للكتابة، 04 ساعات للتنظيم، 04 ساعات للراحة. والعمل وفق هذه الخطة والتفرغ لها عن غيرها..والحمد لله جاءت ثمرة هذا التنظيم بالإرادة والتحدي تحدي الوقت خاصة قبل نهاية الفترة المحددة لاستقبال الأعمال التي حددتها ادارة المخيم التدريبي بكتاب اعطيته عنوان: " الميسر في تحليل الوثائق التاريخية" كتابا دليلا للباحثين والمهتمين بهذا التخصص و هذا المجال.
كتاب-وثائق-تحليل-دليل-فصل--تصنيف
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
اتفق معك دكتور فعلاً على الباحث أن لا يستجيب لضغوط االحياة ومشاغلها بل عليه هو أن يضغط على نفسه ليقدم علمه للناس, تجربة مميزة.
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة