مدونة محمد سلامة الغنيمي


ضمان جودة التعليم: وهم أم حقيقة؟

محمد سلامة الغنيمي | Mohamed Salama Al-Ghonaimi


26/04/2024 القراءات: 13  



اقتبست فكرة وضع معايير لقياس جودة التعليم من معايير قياس جودة منتجات المصانع، وشتان بين هذا وذاك! لأن عمليات المصانع و مخرجاتها كلها مادية بحتة يسهل قياسها، بخلاف التعليم فإن عملياته ومخرجاته كلها أمور غير مادية يصعب إخضاعها للقياس؛ لارتباطها بالنفس والعقل والقلب، وكلهم يدرك أثرهم ولا يدرك كنهم.
ولا شك لدى أن اعتماد المدرسة من قبل هيئة ضمان الجودة والاعتماد مؤشر إيجابي، لكنه ليس ضمانًا مطلقًا على جودته؛ فإنه يمكن وضع معايير لقياس نسبة النجاح والرسوب ومعدلات التخرج، ونسبة عدد المدرسين إلى الطلاب، وجودة الأبنية التعليمية.. وغير ذلك من الأمور المادية، ومع ذلك قد تؤثر همة وإصرار المعلم والمتعلم على التغلب على جميع التحديات المادية، فكم من عالم تعلم تحت شجرة، وكم من معلم استطاع التأثير في طلابه رغم ضعف الإمكانيات..إلخ
ويبقى الجانب الأكبر والأهم والرئيس من التعليم يتعلق بأمور غير مادية يصعب إخضاعها للقياس مثل: تهذيب الضمير، ومهارات التفكير النقدي وحلّ المشكلات، والإبداع والابتكار، والذكاء العاطفي والاجتماعي، والقيم والمبادئ الأخلاقية، والشعور بالانتماء والمشاركة المجتمعية...إلخ.
باختصار إذا كان هدف التعليم هو تخريج المواطن الصالح، فكيف يمكن قياس صلاح طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي؟
وترتيبا على ما سبق، ينظر المعلمون إلى معايير ضمان الجودة والاعتماد باعتبارها مجرد "تستيف أوراق" وهي كذلك وفقا لما تلقيته من آراء المعلمين في التعليم قبل الجامعي أو الجامعي.
ومن زاوية أخرى قد أنشأت هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد منذ عام ٢٠٠٦م، هذا يعني أنها تمارس عملها منذ عشرين عاما، فهل تغير وضع التعليم في بلادنا؟ أم أنه من يسير من سيء لأسوأ منه؟
إن التعليم في مجمله "رسالة" ورثها المعلمون عن الأنبياء، تقوم على الإيمان بمضمونها، وتخضع للضمير، ذلك الذي يجعل المعلم يستعذب المشاق ويواجه التحديات وإن كانت كالجبال في سبيلها، ومع ذلك هونت معايير الجودة من شأنها، بحيث دخل النفاق فيها والمراوغة والغش والتزوير في المستندات المطلوبة لقياس المعايير.
أخيرا اعتقد أن فكرة وضع معايير لقياس جودة التعليم قد ساهمت في تسليع التعليم وإخضاعه للربح والخسارة المادية، وأفقدته قدسيته التي بها كلف الإنسان بإدارة الأرض لعمارتها وإصلاحها، وجعلت من نفسها أداة دعائية لمدارس التجار للترويج لمدارسهم وسبيل لرفع مصروفات الدراسة.


تعليم، جودة، معايير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع