جولة في رحاب الإمام النووي (1)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
18/12/2024 القراءات: 232
-المؤلفات عنه:
كَتب عنه كثيرون، منهم تلميذُه ابن العطار في "تحفة الطالبين" -وهو العمدة-، وابن الصيرفي، والسخاوي في "المنهل العذب الروي"، والسيوطي في "المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي" -حقَّقه د. محمد العيد الخطراوي، دار التراث، المدينة المنورة، ط1 (1409 - 1989)، وغيره-، وابنُ إمام الكاملية، وعلي الطنطاوي في "الإمام النووي"، وعبدالغني الدقر في "الإمام النووي"، والشيخ صالح الخطيب (1314-1401) في "الضوء الضاوي في ترجمة الإمام النواوي" كما في "علماء دمشق وأعيانها" (ص: 30)، ود. أحمد الحداد في "الإمام النووي وأثره في الحديث وعلومه"، وعبدالحميد بن صالح الغامدي في "أعذب الروي في ترجمة الإمام النووي"، وللأخ الشيخ عبدالله الحسيني اختصاصٌ به، وقد أنجز في ذلك دراسات مهمة، جُمعتْ في "بلوغ الثريا في فرائد عن الإمام النووي أبي زكريا"، جزاه الله خيرًا. ويُنظر معجم عبدالله الحبشي.
***
-طول باعه:
-كان واسعَ العلم موفقًا في التأليف:
قال في مقدمة «شرح النووي على مسلم» (1/ 5): «ولولا ضعفُ الهمم وقلة الراغبين وخوف عدم انتشار الكتاب لقلة الطالبين للمطولات، لبسطتُّه فبلغتُ به ما يزيد على مئةٍ من المجلدات، مِن غير تكرار ولا زيادات عاطلات، بل ذلك لكثرة فوائده، وعظم عوائده الخفيّات والبارزات، وهو جديرٌ بذلك فإنه كلامُ أفصح المخلوقات، صلى الله عليه وسلم صلوات دائمات ...».
وقال في «المجموع شرح المهذب» (3/ 399) عند مسألة رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ما نصُّه:
«ولولا خوف الإطالة لأريتُك فيه عجائب من النفائس، وأرجو أن أجمع فيه كتابًا مستقلًا». وعلق السيوطي في "المنهاج السوي" على هذا بقوله: "فلا أدري أفعل أم لا؟".
قلت: الظاهر أنه لم يفعل، إذ لم يُذكر له شيء من ذلك.
***
-من كتبه:
-له: "الإشارات"، ومِن مصادره فيه: الشافعي 35. الواحدي 36. أهل اللغة 37. المجمل لابن فارس 37. أبو بكر الوراق 39. أبو علي الفارسي 40. النحاس 44. الجوهري 47. 60. السمعاني 52. أبو إسحاق 58. ابن الأثير 61. ابن السكيت 63.
-وله: "المنتخب مختصر التذنيب للرافعي"، وسُمِّي في إحدى طبعتيه: "المنتخب في مختصر التذنيب". والصواب حذف "في".
-وله: "رؤوس المسائل"، وليس فيه مقدمة.
***
-كتاب المقاصد:
لم أجد نسبة هذا الكتاب إلى النووي فيما رجعتُ إليه من الكتب التي ترجمتْ له، وإن كانوا يذكرون عبارة لا تفيد الإثبات ولا النفي مثل: له كراريس كثيرة، ومثل قول تلميذهِ ابن العطار في «تحفة الطالبين في ترجمة [شيخنا] الإمام [النووي] محيي الدين» (ص94):
«ولقد أمرني مرة ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، وخوفني إنْ خالفت أمره في ذلك، فما أمكنني إلا طاعته، وإلى الآن في قلبي منها حسرات». وفي كتاب "الإمام النووي وأثره في الحديث وعلومه" فصل بعنوان: "كتب نُسبتْ إليه" ولم يَذكر المقاصد.
***
-النووي وتدريس المرد:
قال ابنُ حجر في ترجمة الشيخ فرج بن عبدالله المغربي الصفدي (ت: 751) في «الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة» (4/ 268):
«حكى العثماني قاضي صفد أنه توجه لزيارته [زيارة الشيخ فرج] صحبة الشيخ تاج الدين المقدسي، فجرتْ مسألة النظر إلى الأمرد، وأن الرافعي يحرم بشرط الشهوة، والنووي يقول يحرم مطلقًا، فقال الشيخ فرج: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: الحقُّ في هذه المسألة مع النووي، فصاح الشيخُ تاجُ الدين وقال: صار الفقه بالمنامات! فخضع الشيخُ فرج وقال: أستغفرُ الله أنا حكيتُ ما رأيتُ والبحثُ له طريقٌ. فسكت الشيخُ تاجُ الدين وقال: نحن في بيتك».
ونقل هذا السيوطي في "المنهاج السوي" (ص: 59-60) باختصار ثم قال: "وكان الشيخ محيي الدين إذا جاءه أمرد ليقرأ عليه امتنع وبعث به إلى الشيخ أمين الدين الحلبي [ت: 681 كما في "الشذرات" 5/ 370]، لعلمه بدينه وصانته".
وفي ترجمة "يحيى بن علي بن أبي الحسن مجلي بن أبي الفرج محمد بن طاهر بن محمد الصالحي ابن الحداد الحنفي" في «الدرر الكامنة» (6/ 191):
"ولد سنة 666 بدمشق، وأسمع على الفخر ابن البخاري، وكان يذكر أن والده أحضره إلى النووي -وهو أمرد- فاعتذر، وقال: أنا أرى أن النظر إلى الأمرد حرام مطلقًا فاذهبْ به إلى الشيخ تاج الدين. وكان يذكر أنه رآه وأنه سمع منه. قال شيخنا العراقي: ولم أقفْ على ذلك».
وفي «شرح النووي على مسلم» (4/ 31):
«يحرم على الرجل النظرُ إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا، سواء أمن الفتنة أم خافها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، نص عليه الشافعي وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى، ودليله أنه في معنى المرأة، فإنه يشتهى كما تشتهى، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر، وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر مال ا يتمكن من مثله في حق المرأة والله أعلم. وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة، فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها، قال أصحابنا: النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد ...».
وقال في «التبيان في آداب حملة القرآن» (ص: 93- 94):
«إن النظر إلى الأمرد الحسن من غير حاجة حرام، سواء كان بشهوة أو بغيرها سواء أمن الفتنة أو لم يأمنها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء، وقد نص على تحريمه الإمام الشافعي ومَن لا يحصى من العلماء، ودليله قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، ولأنه في معنى المرأة، بل ربما كان بعضهم أو كثير منهم أحسن من كثير من النساء، ويتمكن من أسباب الريبة فيه، ويتسهل من طرق الشر في حقه ما لا يتسهل في حق المرأة، فكان تحريمه أولى، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تحصى ...».
يتبع
النووي. فوائد العلماء. التاريخ العلمي. التراث الإسلامي. دمشق
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة