وريقات عالم


حروب الجيل السادس وخطر النزاع العالمي (ج1)

طيار مهندس/ محمد الشعلان | Capt. Mehmed asch-Schaalan


19/02/2023 القراءات: 1362  


ترتبط الصراعات التقليدية ارتباطاً وثيقاً باحتكار الإدارة النظامية في الدولة لاستخدام القوة المسلحة، ومع التطور أدى ذلك إلى ظهور بدائل واجبة وحتمية النفاذ وأطراف مسلحة قادرة على شن الحرب من دون هوادة. تلك الأطراف المسلحة التي هي تنظيمات ومجموعات تأخذ في هيئتها الشكل التنظيمي والزي العسكري والنمط المؤسسي إلا أنها لا تمت إلى الدولة بصلة، فضلاً عن اعتمادها على الأيديولوجيات التي تخترق الحدود القومية في بعض الأحيان، فتصبح حرة طليقة لذاتها وصاحبة تقرير مصيرها؛ وتختزل قرار الحرب لنفسها بعيداً من أوامر قيادات الدولة.

وتعد حروب الجيل الخامس أكثر من مجرد تطور تقليدي في حروب الجيل الرابع وما قبلها، فهي حرب بلا قيود تستخدم فيها الوسائل كافة لإجبار العدو على الرضوخ، ويتمثل أهمها في تأسيس تحالفات شبكية تضم جبهات وتنظيمات مسلحة، وقد تقدم على التعاون معها دول تشترك معها في الأيديولوجيات والاهتمامات والقوميات والمصالح ومشاريع السيطرة الواحدة، وهي تتبع مخططات معينة تشمل توظيف الأفراد باختلاف أفكارهم، ومن دون النظر في ماضيهم وحاضرهم، وهؤلاء يسعون لتحقيق هدف سياسي وعسكري واستراتيجي مشترك، مع النظر إلى سرعة انتشاره، وقد تتصف بالغموض حول طبيعة ووجودية الصراع، والأطراف القائمة عليها. هنا يجب أن نشير إلى أن الانتشار المسلح التقليدي للدول على أرض الواقع قد يدينها ويبيت نياتها والعواقب التي قد تتحملها في المستقبل كالعزل السياسي واللوجستي وفرض العقوبات الاقتصادية، أو الإدانة والاستنكار وقطع المعونات والمساعدات العسكرية والمعونات الطبية والغذائية عن شعوبها، أو غيرها من الإجراءات، في حين أن الأفراد والتنظيمات المسلحة قد لا يتعرضون لمثل هذه التبعات ولا يؤثر فيهم.

تعد النزاعات التي تشمل الجيوش الحديثة سمتاً رئيساً في تطوير آلة الحرب، فظهرت في الأفق حروب الجيل السادس، وذلك بالاقتران مع الحرب الإلكترونية، وحملات التضليل المتمثلة في الحرب المعلوماتية والهجمات المضادة للأقمار الصناعية. الهدف هو إخضاع الزخم المعلوماتي والبيانات، والاتصالات، وأجهزة الاستطلاع والاستخبارات، وأنظمة الأسلحة للسيطرة التشغيلية وتوجيهها لخدمة أغراضها. وقد تجمع أكثر الإجراءات ضرراً بين الأسلحة الموجهة بدقة والهجمات الإلكترونية لتعطيل أو تدمير الأهداف الحرجة. ويمكن أيضاً استخدام العمليات السيبرانية للتأثير السياسي من خلال تعطيل التمويل والطاقة والنقل والخدمات اللوجستية للتغلب على عملية صنع القرار للمدافعين، وخلق اضطراب مجتمعي وخلخلة بالبنية التحتية، وهذا ما اكتشفناه في النزاع الروسي الأوكراني، فقد جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لترجمة هذا النمط الجديد من الحروب؛ لتتجاوز في حد ذاتها الصراعات التقليدية المقيدة لتشمل في أهدافها الحرب السيبرانية والمعلوماتية، والحرب الاقتصادية والحرب الهجينة؛ ولذلك
فتحت حروب الجيل السادس أفقاً غير اعتيادي لم نعرفه سابقاً، وذلك من خلال استخدام الأسلحة الذكية لتأليب المجتمع من خلال التوجيه والتجنيد الجزئي والكامل لشبكات الحوسبة الرقمية العالمية، وذلك من أجل خلخلة أوصال الفواعل وأعمدة الدولة المعادية وإلحاق الضرر بها عن بعد.


الصراعات، حروب الجيل الخامس، حروب الجيل السادس، الجيل السادس، المستقبل، الجنس البشري


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع