مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


29/01/2023 القراءات: 284  


قال ابن القيم رحمه الله : لا يكون العبد متحققا ﴿ إياك نعبد ﴾ إلا بأصلين عظيمين أحدهما : الإخلاص للمعبود . والثاني : المتابعة للرسول  .
والناس منقسمون بحسب هذين الأصلين إلى أربعة أقسام أحدهم أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول  وهم إياك نعبد حقيقة .
فأعمالهم كلها لله ، وأقوالهم لله ، وحبهم لله ، وبغضهم لله .
فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه الله وحده لا يريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكورا .
ولا ابتغاء الجاه عندهم ولا طلب المحمدة والمنزلة في قلوبهم ولا هربا من ذمهم ، بل قد عدوا أنفسهم من أصحاب القبور لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا .
فالعمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجائهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بهم البتة ، بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم ، ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله وعطاءه

منعه وحبه ويغصه ، ولا يعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق ، وإلا فإذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم .
القسم الثاني : من لا إخلاص له ولا متابعة فليس عمله موافقا للشرع ، وليس هو خالص للمعبود كأعمال المتزينين للناس المرائين لهم بما لم يشرعه الله ورسوله ، وهؤلاء شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عز وجل ، ولهم أوفر نصيب من قوله تعالى : ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم ﴾ ، يفرحون بما أتوا من البدعة ، والضلالة ، والشرك ، ويحبون أن يحمدوا بإتباع السنة والإخلاص .
وهذا القسم يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط المستقيم ، فإنهم يرتكبون البدع والضلالات والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوه من الإتباع والإخلاص والعلم فهم أهل الغضب والضلال .
القسم الثالث من هو مخلص في أعماله لكنها على غير متابعة الأمر كجهال العباد والمنتسبين إلى طريق الفقر والزهد ، وكل من عبد الله بغير أمره واعتقد عبادته هذه قربة إلى الله فهذا حاله ، كمن يظن أن سماع المكاء والتصدية قربة وأن الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة ، وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة وأن صيام يوم يفطر الناس كلهم قربة وأمثال ذلك .
القسم الرابع من أعماله على متابعة الأمر لكنها لغير الله كطاعة المرائين وكالرجل يقاتل رياء وحمية وشجاعة ويحج ليقال ، ويقرأ القرآن ليقال ، فهؤلاء أعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها لكنها غير صالحة فلا تقبل ، قال الله جل وعلا : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾ فكل أحد لم يؤمر إلا بعبادة الله بما أمر .. انتهى كلامه رحمه الله .

اللهم ثبت محبتك في قلوبنا وقوها وألهمنا ذكرك وشكرك ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع