مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


«حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


05/05/2023 القراءات: 147  


قال صالح لأبيه: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» يحدث
الرجل بكل شيء يريد قال أبي يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حدث عني حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ففرق بين ما يحدث عنه وبين ما يحدث عن بني إسرائيل فقال «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنه كانت فيهم الأعاجيب» فيكون الرجل يحدث عن بني إسرائيل وهو يرى أنه ليس كذلك فلا بأس، ولا يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما يرى أنه صدق.
وظاهر كلام غير واحد أنه لا يجوز إذا ظن أنه كذب كما أن ظاهر كلام غير واحد وهو ظاهر الخبر أنه يجوز التحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لا يرى أنه كذب فيحدث بما يشك فيه كذا جزم في شرح مسلم في الخبر المذكور أنه - عليه السلام - قيد بذلك؛ لأنه لا يكون يأثم إلا برواية ما يعلم أو يظنه كذبا أما ما لا يعلمه، أو يظنه كذبا فلا إثم عليه في روايته إذا فإنكم لا تحدثون عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه وإن ظنه غير كذب، أو علمه وفي رسالة الشافعي - رحمه الله - أنه أباحه عن بني إسرائيل عمن يجهل صدقه وكذبه، وينهاهم عنه عمن لا يعرف صدقه انتهى كلامه.
والخبر الأول في صحيح مسلم وغيره وضبط يرى في الخبر الأول بفتح الياء وضمها والكذابين على التثنية والجمع والخبر الثاني في السنن.
ورواه أبو داود: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» رواه أحمد من حديث حسن جيد الإسناد حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ حدثني أبي عن قتادة عن أبي حسان عن عبد الله بن عمرو قال: «كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثنا عن بني إسرائيل حتى نصبح ما نقوم إلا إلى عظم الصلاة» حديث حسن وإسناده جيد وقال قبل ذلك باب رواية حديث أهل الكتاب. حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال أخبرني ابن أبي نملة الأنصاري عن أبيه «بينما هو جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم -
وعنده رجل من اليهود مر بجنازة فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الله أعلم قال اليهودي: إنها تتكلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله ورسله فإن كان باطلا لم تصدقوهم وإن كان حقا لم تكذبوهم» إسناده جيد وابن أبي نملة اسمه نملة رواه أحمد من حديث الزهري
ولأحمد حدثنا عفان ثنا هلال حدثنا قتادة عن أبي حسان عن عمران بن حصين قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل لا نقوم إلا لعظم صلاة يعني: المكتوبة الفريضة» أبو هلال هو محمد بن سليم الراسبي حديث حسن.
وللبخاري عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا» الآية.
وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» رواه البخاري.
الكذب هو: إخباره عن الشيء خلاف ما هو عليه لهذا يقول أصحابنا في اليمين الغموس هي التي يحلف بها كاذبا عالما بكذبه وهذا هو المشهور في الأصول وهو قول الشافعية، وغيرهم ولهذا قال - عليه السلام - في الخبر المشهور في الصحيحين وغيرهما «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» فقيده بالعمد قيل: هو دعاء بلفظ الأمر أي: بوأه الله ذلك، وقيل: هو خبر بلفظ الأمر، يدل عليه ما في الصحيح أو الصحيحين «يلج النار» وعند بعض المتكلمين شرط الكذب العمدية، وعند بعضهم أيضا يعتبر للصدق والاعتقاد وإلا فهو كاذب وعلى القول الأول إن طابق الحكم الخارجي فصدق وإلا فكذب وبحث المسألة في الأصول هذا في الماضي والحال فإن تعلق بالمستقبل فكذلك على رواية المروذي المذكورة.
وقال عبد الله: سمعت هارون المستملي يقول لأبي: بم تعرف الكذابين؟ قال بالمواعيد أو بخلف المواعيد، وكذلك قال ابن عقيل في الفصول بعد ذكره لخبر أبي هريرة «أكذب الناس الصباغون والصواغون» وقال: هذا صحيح؛ لأن أحدهم يعد ويخلف، وذكر غير واحد قال أحمد: قول ابن عباس إذا استثنى بعده فله ثنياه ليس هو في الأيمان إنما تأويله قول الله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا - إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 23 - 24] .
فهذا استثناء من الكذب؛ لأن الكذب ليس فيه كفارة وهو أشد من اليمين؛ لأن اليمين تكفر والكذب لا يكفر قال الجمهور: إن المعنى إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فقل إن شاء الله ولو كان بعد سنة، مع أن جمهور العلماء قالوا: لا يصح الاستثناء إلا متصلا قال ابن جرير: الصواب له أن يستثني ولو بعد حنثه في يمينه فيقول: إن شاء الله ليخرج بذلك مما يلزمه في هذه الآية فيسقط عنه الحرج فأما الكفارة فلا تسقط بحال إلا أن يستثني
متصلا بكلامه. ومن قال له ثنياه ولو بعد سنة أراد سقوط الحرج الذي يلزمه بترك الاستثناء دون الكفارة.
قال ابن الجوزي: فائدة الاستثناء خروج الحالف من الكذب إذا لم يفعل ما حلف عليه. قال موسى - عليه السلام - {ستجدني إن شاء الله صابرا} [الكهف: 69] ولم يصبر فسلم منه بالاستثناء.
وفي المغني في الطلاق أن الحالف على الممتنع كاذب حانث، واحتج بقوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [النحل: 38] إلى قوله {وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين} [النحل: 39] وقد قال تعالى {ألم تر إلى الذين نافقوا} [الحشر: 11] إلى قوله {والله يشهد إنهم لكاذبون} [التوبة: 107] .


«حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع