مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(27)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


02/04/2023 القراءات: 275  


وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال : « خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة » . رواه البخاري .
وعن عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - قال : قلت يا رسول الله ، إن لي بادية أكون فيها وأنا أصلي فيها بحمد الله ، فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد فقال : « انزل ثلاث وعشرين » . رواه أبو داود .
قيل لابنه : كيف كان أبوك يصنع ؟ قال : كان يدخل المسجد إذا صلى العصر فلا يخرج منه إلا لحاجة حتى يصلي الصبح ، فإذا صلى الصبح ، وجد دابته على باب المسجد ، فجلس عليها ولحق بباديته .
قال البغوي : وفي الجملة : أبهم الله هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة ليالي رمضان طمعا في إدراكها ، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات ، الخمس ، واسمه الأعظم في الأسماء ، ورضاه في الطاعات ليرغبوا في جميعها وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها وأخفى قيام الساعة ليجتهدوا في الطاعات حذرا من قيامها .
إذا تقرر هذا وعلمت ما ورد من الحث عليها ، فاعلم أنه ينبغي لكل موفق مريد للكمال والسعادة الأبدية أن يبذل وسعه ويستفرغ جهده في إحياء ليالي العشر الأخير وقيامها لعله أن يصادف تلك الليلة الجليلة التي اختص الله تعالى بها هذه الأمة ، وآتاهم فيها من الفضل ما لا يحصره العدد .
فيا عباد الله إن هذا عشر . شهر . مبارك الليالي والأيام وهو سبب لمحو الذنوب والآثام ، وفيه يتوفر جزيل الشكر والإنعام ، فاعتذروا فيه إلى المولى الكريم ، وأقبلوا بقلوبكم إليه وقفوا بالخضوع لديه ، وانكسروا بين يديه فإنه رحيم كريم .
عباد الله : إنكم الآن في رمضان ، وهو وحده عمر طويل لمن رام الثواب الجزيل ، فإن في لياليه ليلة واحدة خيرا من ألف شهر ، قال الله تعالى : ﴿ ليلة القدر خير من ألف شهر ﴾ فاجتهدوا رحمكم الله بإخلاص الأعمال لله جل وعلا وبادروا بالتوبة والاستغفار والابتهال إلى ذي الجلال والإكرام .
واعلموا رحمكم الله أن الموتى في قبورهم يتحسرون على زيادة في أعمالهم بتسبيحة أو تحميدة أو ركعة ، رئي بعضهم في المنام فقال : ما عندنا أكثر من الندامة ، وما عندكم أكثر من الغفلة ، ورئي بعضهم فقال : قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل ، وأنتم تعلمون ولا تعملون والله لتسبيحة أو تسبيحتان ، أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا خير من الدنيا وما فيها .
وفي الترمذي : ما من ميت يموت إلا ندم ، إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد ، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون استعتب .
اللهم وفقنا لما وفقت إليه القوم وأيقظنا من سنة الغفلة والنوم وارزقنا الاستعداد لذلك اليوم الذي يربح فيه المتقون ، اللهم وعاملنا بإحسانك وجد علينا بفضلك وامتنانك واجعلنا من عبادك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---
فصل
في ذكر بعض الأدعية الواردة
عباد الله اغتنموا هذه الأوقات الشريفة وأكثروا فيها من الدعاء فإن الدعاء له أثر عظيم وموقع جسيم .
وهو العبادة و(مخ ) العبادة ولا سيما إذا كان بقلب حاضر وصادقا إخباتا وخشوعا وانكسارا وتضرعا ورقة وخشية واستقبل القبلة حال دعائه وكان على طهارة .
وجدد توبة وأكثر من الاستغفار وبدأ بحمد الله وتنزيهه وتمجيده وتقديسه والثناء عليه وشكره ثم صلى على النبي  بعد ذلك .
ودعا بدعاء مشروع باسم من أسماء الله الحسنى مناسب لمطلوبه .
فإن كان يريد علما قال : يا عليم علمني .
وإن كان يطلب رحمة قال : يا رحمن ارحمني .
وإن كان يطلب رزقا قال : يا رزاق ارزقني ونحو ذلك .
ولم يمنع من الدعاء مانع كأكل الحرام وقطيعة رحم وعقوق ونحو ذلك .
وتحرى أوقات الإجابة وأتى بأسبابها وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره والانتهاء عن ما نهى عنه .
فالله أصدق القائلين وأوفى الواعدين قال تعالى : ﴿ ادعوني أستجب لكم ﴾ .
وقال عز من قال : ﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ﴾ .
وقال جل وعلا : ﴿ ادعوا ربكم تضرعا وخفية ﴾ .
وقال تبارك وتعالى : ﴿ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ وعد الله لا يخلف الله وعده ﴾ .
وقال : ﴿ ومن أصدق من الله قيلا ﴾ .
ومن أوقات إجابة الدعاء إذا اجتمعت الشروط وانتفت الموانع ثلث الليل الأخير .
ويوم الجمعة عند صعود الإمام المنبر أو في آخر ساعة من يومها وعند الآذان .
وبين الآذان والإقامة .
وعند نزول الغيث .
وعند فطر الصائم .
وعشية عرفة .
وفي حالة السجود .
وفي ليلة القدر .
وفي أدبار الصلوات .
وفي أدبار النوافل .
وعند ختم القرآن .
وعند البكاء والخشية من الله .
وفي جوف الليل .
وعند دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
وبعد زوال الشمس عن كبد السماء .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(27)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع