مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ويقول: أتعرف ذنب كذا؟

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


14/05/2023 القراءات: 187  


وفي مسلم عن أبي سلمة عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله عز وجل لهم ويضعها على اليهود والنصارى» ومعناه يضع عليهم بكفرهم وذنوبهم فيدخلهم النار بذلك لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164]
وقوله «ويضعها» أي يضع عليهم مثلها بذنوبهم، وقد قيل: يحتمل أنه وضع على الكفار مثلها لكونهم سنوها «ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر من عمل بها» .
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا قال له: كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في النجوى قال سمعته يقول «إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ويقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته، وأما المنافق والكافر فيقول الأشهاد: {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18] »
متفق عليه قيل كنفه هو ستره وعفوه.
وأما قوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} [الفرقان: 68] الآية فقيل سبب نزولها ما في الصحيحين عن ابن مسعود قال «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قلت ثم أي؟ فقال أن تزني بحليلة جارك فأنزل الله تصديقها: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} [الفرقان: 68] الآية» وقيل: «إن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة فنزلت هذه الآية إلى قوله: {غفورا رحيما} [الفرقان: 70] » رواه مسلم من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأما قوله تعالى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} [الفرقان: 70] .
قال ابن الجوزي: اختلفوا في هذا التبديل وفي زمان كونه فقال ابن عباس يبدل الله شركهم إيمانا، وقتلهم إمساكا، وزناهم إحصانا قال: وهذا يدل على أنه يكون في الدنيا، وممن ذهب إلى هذا المعنى سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد.
(والثاني) أن ذا يكون في الآخرة قاله سلمان - رضي الله عنه - وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين.
وقال عمرو بن ميمون بن مهران يبدل الله عز وجل سيئات المؤمن إذا غفرها له حسنات حتى إن العبد يتمنى أن تكون سيئاته أكثر مما هي. وعن الحسن كالقولين وروي عن الحسن قال: ود قوم
يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا استكثروا يعني: الذنوب فقيل من هم؟ قال: هم الذين قال الله فيهم: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} [الفرقان: 70]
قال ابن الجوزي: ويؤكد هذا القول حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فيعرض عليه صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له: إن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها ههنا فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه» .
فهذا الحديث في رجل خاص وليس فيه ذكر للتوبة فيجوز أنه حصل له هذا بفضل رحمة الله عز وجل لا بسبب منه بتوبته ولا غيرها كما ينشئ الله عز وجل للجنة خلقا بفضل رحمته فلا حجة فيه لهذا القول في هذه المسألة.
وأما الآية فهي محتملة للقولين والأول توافقه ظواهر عموم الأدلة ولا ظهور فيها للقول الثاني فكيف يقال تبديل خاص بلا دليل خاص مع مخالفته للظواهر؟ ولا يقال كلاهما تبديل فمن قال بالثاني فقد قال بظاهر الآية؛ لأن التبديل لا عموم فيه، فإذا قيل فيه بتبديل متفق عليه توافقه ظواهر الكتاب والسنة كان أول وعلى أن القول الثاني يجوز أن يكون لمن شاء الله بفضل رحمته أو لمن عمل صالحا، فالقول بالعموم لكل تائب يفتقر إلى دليل.
وفي الآية وظواهر الأدلة ما يخالفه والله تعالى أعلم. والنواجذ هنا الأنياب عند الجمهور وقيل: الضواحك والضاحكة السن بين الأنياب والأضراس وهي أربع ضواحك. وقيل: الأضراس كما هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة، وللإنسان أربعة نواجذ في أقصى الأسنان بعد الأرحاء، ويقال: ضرس الحلم بضم اللام وسكونها؛ لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل.


إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ويقول: أتعرف ذنب كذا؟


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع