مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


[الأصل الثاني حسن الخلق]

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


01/05/2023 القراءات: 216  


[الأصل الثاني حسن الخلق]
[الصدق]
الأصل الثاني: حسن الخلق إذا كان الصلاح يتوجه إلى ذات المقتدى به ليكون صالحًا في نفسه قويمًا في مسلكه فإن حسن الخلق يتوجه إلى طبيعة علاقته مع الناس وأصول تعامله معهم وإليه الدعوة النبوية في قوله، صلى الله عليه وسلم: «وخالق الناس بخلُقٍ حسن» والكلام في حسن الخلق واسع متشعب ونحاول أن نحصر عناصره الكبرى في خلال خمس: الصدق- الصبر- الرحمة- التواضع- الرفق.
الصدق: تبرز أهمية الصدق وعظم أثره في مسلك القدوة في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقَ يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة. .» الحديث.
وقد سأل هرقل أبا سفيان عن سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، قائَلاَ: «هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ أجاب أبو سفيان: لا. فقال هرقل: أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله» .
وما أنجى الثلاثة الذين خُلفوا في غزوة تبوك إلا صدقهم مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم حين ظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه، ولقد نادى الله سبحانه عباده المؤمنين في ختام قصتهم بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]
ويجمع الحافظ ابن القيم رحمه الله حقيقة الصدق بهذه العبارة: " حصول الشيء وتمامه وكمال قوته واجتماع أجزائه ويكون في القصد والقول والعمل ". والمسلك الصادق النقي قولًا وفعلًا وقصدًا- هو الذي لا ريبة فيه لابتنائه على اليقين، ولا هوى معه لاعتماده على الإخلاص، ولا عوج فيه لاتباع الحق والهدى فيه.
وهل رأيت سوأة أزرى ممن يتسنم مواقع القيادة والقدوة
بينما ترمقه الألحاظ وتشير إليه الأصابع بالخيانة والكذب. وما كان للتهريج والخبط والادعاء والهزل أن يغني فتيلا عن أصحابه.
وفي الحديث: «يطبع المؤمن على الخلال كلِّها إلا الخيانة والكذب» .

[الصبر]
الصبر: الأزمات إذا استحكمت والحبال إذا تعقدت والضوائق إذا ترادفت لا دفع لها ولا توقي- بإذن الله- إلا بالصبر ذلك أن الصبر- كما في الحديث- ضياء.
ومَنْ أولى من الرجل الأسوة بتوطين نفسه على احتمال المكارة من غير ضجر، والتأني في انتظار النتائج مهما بَعُدت، وهو عليم بأن ابتلاء الناس بجميع فئاتهم وطبقاتهم لا محيص عنه. فالدنيا مبنية على هذا، بل قد يمتحن المرء بالشيء وضده. هذا شأن الدنيا. وشأن آخر وهو أن الإِيمان يقترن بالبلاء ليمحصه ويصفيه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2]
والصبر من معالم العظمة المحمودة وشارات الكمال العالي ودلائل التحكم في النفس وهواها وهو عنصر من عناصر الرجولة الناضجة. فأثقال الحياة وأعباؤها لا يطيقها الضعاف المهازيل، والحياة لا ينهض بأعبائها ورسالتها إلا الأكفاء الصبَّارون وقد استحقت فئة من بني إسرائيل الِإمامة والريادة بصبرهم وحسن بلائهم: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] وأدركت بني إسرائيل حالةٌ استحقوا بها ميراث الأرض المباركة وكان درعهم في ذلك الصبر: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137]
ولهذا فإن نصيب ذوي القدوة والأسوة من العناء والبلاء مكافئًا لما أوتوا من مواهب وما تحملوا من مشاق، يجسد هذا قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه» .
ولهذا فإن نصيب ذوي القدوة والأسوة من العناء والبلاء مكافئًا لما أوتوا من مواهب وما تحملوا من مشاق، يجسد هذا قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه» .
وقد قال بعض حكماء القياديين: " لا تسأل الله أن يخفف حملك ولكن اسأله أن يقوي ظهرك ". وإن كان هذا فيه ما فيه لكنه يزيد المعنى الذي نقصد إليه وضوحًا.


[الأصل الثاني حسن الخلق]


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع