مدونة حسين سالم مرجين


هل الجامعات الليبية بحاجة إلى التصنيفات العالمية ؟

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


09/05/2023 القراءات: 203  


تأتي هذه المقالة في سياق أهداف الجمعية الليبية للجودة والتميز في التعليم بشأن توعية المجتمع بأهمية الجودة وضمانها في التعليم، وتأثيرها على مستقبل الأجيال القادمة، فضلا عن لفت انتباه المسؤولين نحو القضايا المهمة في هذا المجال.
إن كل ما قيل وما يمكن أن يقال عن التصنيفات العالمية للجامعات قابل لا محالة للحوار والنقاش، ولكن أود قبل ذلك أن أطرح عدد من التساؤلات المشروعة، وهي :
• ما الأهداف التي تسعى إليها التصنيفات العالمية ؟
• هل التصنيفات تعد من ضمن أولويات الجامعات الليبية ؟
• ما هي أولويات الجامعات الليبية: الجودة وضمانها، أم التصنيفات العالمية؟
إذن هذه هي التساؤلات الكبرى التي سنحاول الإجابة عنها في الصفحات القادمة، حيث لا يمكن القول بأن التصنيفات العالمية غير ذات جدوى، كما أنه لا يمكننا الإلمام بفلسفة التصنيفات خارج دائرة الأهداف المناطة بها، وهذا الأمر يدفعنا إلى البحث عن إجابة للتساؤل الأول وهو : ما أهداف التصنيفات العالمية؟
في الحقيقة يمكن حصر أهم أهداف التصنيفات العالمية في النقاط الآتية:
1. توفير معلومات مفصلة عن مؤسسات التعليم العالي، وبرامجها، إلى المؤسسات المانحة والمستثمرين، فضلا عن جذب مصادر الدعم والتمويل .
2. تقديم معايير ومؤشرات متنوعة وموحدة، بغية القيام بعمليات التحسين والتطوير لمؤسسات التعليم العالي.
3. تمكين الطلبة والأكاديميين وأصحاب العمل والمجتمع المحلي والدولي من اختيار مؤسسات التعليم العالي والبرامج المتميزة.
4. تعزيز التنافسية بين مؤسسات التعليم العالي وتحفيزها على تحسين والتطوير.
5. تحسين سمعة مؤسسات التعليم العالي وزيادة الاعتراف بها على المستوى الدولي، وزيادة القدرة على جذب الطلاب والأكاديميين .
أرجو من القارئ أن يتدبر جيدًا في هذه الأهداف، حيث تتكشف لنا بأنها ليست لها علاقة مباشرة بقضايا الجودة وضمانها في التعليم مثل : وضع أو بناء أو فاعلية الخطط الإستراتجية، أو تحسين البنية التحتية، أوتطوير المناهج، أوتحسين وتطوير عمليتي التعليم والتعلم، فهذه القضايا تدخل ضمن أهداف الجودة وضمانها في التعليم، ويتم تحقيق هذه الأهداف من خلال تطبيق معايير الجودة وضمانها في التعليم.
ولكن يمكن القول بأن التصنيفات العالمية ربما تساعد أو تدفع نحو تحقيق تلك الأهداف، بشكل غير مباشر فمثلا : يمكن أن تعمل التصنيفات على تحفيز مؤسسات التعليم العالي على تحسين البنية التحتية، أو تطوير عمليتي التعليم والتعلم بحيث يجعلها قادرة على تحقيق تصنيفات متقدمة، كما يمكن للتصنيفات أن تساعد على جذب المزيد من الدعم والتمويل لتحقيق الجودة وضمانها في التعليم.
والسؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة للجامعات الليبية : أيهما الأكثر جدوى التصنيفات أم الجودة وضمانها في التعليم؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل دعونا نستعرض آخر تقرير صادر عن الجمعية الليبية للجودة والتميز في التعليم 2021م، والذي رصد وقائع الجودة وضمانها في الجامعات الليبية، حيث حدد التقرير المذكور عدد من الإكراهات تواجه الجامعات في تطبيق الجودة وضمانها، لعل أهمها :
 لا تزال جل الجامعات الليبية تفتقر إلى وجود مجالس أمناء تشرف على وضع الخطط والسياسات لتلك الجامعات.
 لا تزال مسألة تأصيل وتطبيق الجودة وضمانها في الجامعات الليبية قائمة على شخص رئيس الجامعة، فضلا عن شخص مدير مكتب الجودة وتقييم الأداء بالجامعة، فمؤشرات صعود وهبوط الجامعات في تأصيل وتطبيق الجودة لا تزال قائمة على هذين الشخصين.
 لا تزال الجودة وضمانها تواجه مقاومة التغيير من قبل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
 لا تزال بنود ميزانية الجامعات تفتقر لوجود بند خاصة لبرامج وأنشطة الجودة وضمانها بالجامعات.
 أصبحت الجودة وضمانها في بعض الجامعات مجرد وثائق ومستندات يتم تجمعيها في ملفات محددة بغية إحالتها إلى المركز الوطني لضمان الجودة، دون وجود أي فعالية لتلك الوثائق والمستندات على الوقائع والممارسات الفعلية، وهذا يعني ببساطة وجود فجوات بين نتائج الدراسات الذاتية المحالة إلى المركز الوطني لضمان الجودة والوقائع الفعلية.
 أصبحت برامج الجودة والاعتماد مجرّد وثيقة تحصل عليها الجامعة أو البرنامج الأكاديمي دون أن يكون لها أيّ قيمة مُضافة في جانبها الأكاديمي، أو الثقافي، أو المجتمعي.
على القارئ بعد أن أحاط بهذه التحديات أن يدرك بسهولة بأن وقائع تطبيق الجودة وضمانها في الجامعات الليبية لا يزال دون المستوى المطلوب، بالتالي فإن التفكير في التصنيفات والمراكز العالمية للجامعات الليبية يصبح غير مجدٍّ وقد يكون مضيعة للوقت والجهد والمال.
وهذا يعني التركيز على تطوير وتحسين البنية التحتية، وتطوير البرامج التعليمية، وتدريب أعضاء هيئة التدريس...إلخ، وهذا يعد التحدي الكبير.
إن السؤال الجوهري الذي يقفز إلى الذهن هنا هو:
ما هي أولويات الجامعات الليبية خلال المرحلة القادمة؟
يمكن رصد عدد من الأولويات التي يتوجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في جل الجامعات الليبية، وهي :
1. يجب أن تكون الجودة وضمانها في التعليم هي الأولوية الرئيسة للجامعات الليبية.
2. توفير الدعم والتمويل اللازمين لبرامج وأنشطة الجودة وضمانها في الجامعات، بغية إتاحة الوصول إلى التعليم العالي.
3. توفير الدعم اللازم للطلبة المتعثرين.
4. تشجيع ريادة الأعمال والابتكار والبحث العلمي .
5. تحسين البنية التحتية للجامعات الليبية، وتوفير المزيد من المرافق والمعدات والتقنيات الحديثة.
6. تشجيع الجامعات الليبية على بناء شراكات دولية، وتبادل الخبرات والممارسات مع الجامعات العالمية الرائدة، وفضلا عن تشجيع تبادل الطلبة مع الجامعات المعترف بها.
7. تحسين إدارة الجامعات ومراجعة وتطوير التشريعات واللوائح الإدارية والمالية والتقنية.
إذن على أي حال وسواء قبل البعض أو لم يقبل بوجهة النظر هذه فإنه من المؤكد بالنسبة لي بأن هذه الأولويات يجب أن تكون هي الأولوية الرئيسة للجامعات الليبية، التي تعاني من تدني في تطبيق برامج الجودة وضمانها.


الجامعات الليبية - التصنيفات العالمية - الجودة وضمانها في التعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع