مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻فتح مكة

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


18/03/2023 القراءات: 219  


سلسلة السيرة النبوية

🔻فتح مكة

سبب الغزوة

كما ذكرنا سابقا في صلح الحديبية ، أن بندا من بنود هذه المعاهدة يفيد أن من أحب أن يدخل في عقد محمد- صلى الله عليه وسلم- وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزآ من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من تلك القبائل يعتبر عدوانا على ذلك الفريق.

وحسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وصارت كل من القبيلتين في أمن من الآخرى، وقد كانت بين القبيلتين عداوة وثارات في الجاهلية

فلما جاء الإسلام، ووقعت هذه الهدنة، وأمن كل فريق من الآخر اغتنمها بنو بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم، فخرج نوفل بن معاوية في جماعة من بني بكر في شهر شعبان سنة 8 هـ، فأغاروا على خزاعة ليلا، وهم على ماء يقال له: (الوتير) فأصابوا منهم رجالا، وتناوشوا واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم رجال من قريش مستغلين ظلمة الليل ، ويذكر ابن إسحاق في السيرة أن بني بكر ألجأوا خزاعة إلى الحرم وقاتلوها فيه ..

ولقد ارتكبت قريش خطأ فادحاً عندما أعانت بالخيل والسلاح والرجال حلفاءها بني بكر على خزاعة حليفة المسلمين، و استنجدت خزاعة بالمسلمين، وقدم عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة فأنشد أبياتا من الشعر أمام الرسول صلى الله عليه وسلم يستنصره، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "نصرت يا عمرو بن سالم"


وتصرف قريش هذا نقض صريح لمعاهدة الحديبية، وعدوان سافر على حلفاء المسلمين، وقد أدركت قريش خطورة الموقف، وتشير بعض الروايات التى ضعفها الألباني إلى أن قريش أرسلت أبا سفيان إلى المدينة يطلب تجديد المعاهدة، لكنه فشل في الحصول على وعد بتجديد المعاهدة .. اضطربت الأحوال فى مكة عقب عودة أبى سفيان وإبلاغهم بما حدث ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم لم يتركها طويلا فى اضطرابها فقد عقد العزم على فتح مكة ، وتجهز والمسلمون للخروج واستعان على أمره بالكتمان ثم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والاستعداد وقال :" اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلادها "

وكان الرسول صلى الله عليه و سلم لا يريد الدماء ويرد دخول مكة فى سلام ،حتى لا تمس حرمتها وأن يدخل أهلها في الإسلام لينعم أهلها بنعمة الإيمان
وبينما الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون على أمرهم من الاستعداد والكتمان حدثت محاولة من أحد الصحابة كادت أن تكشف نية المسلمين لمشركي مكة

فقد كتب حاطب بن أبى بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم من الغزو ، ثم أعطى حاطب الكتاب لامرأة وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته فى قرون رأسها ثم خرجت به

وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث رسول الله صلى الله عليه على بن أبى طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما فقال : " أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبى بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له فى أمرهم "

فخرجا حتى أدركاها بالحليفة فاستنزلاها، وقالا: معك كتاب؟ فقالت: ما معي كتاب، ففتشا رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي: أحلف بالله، ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، والله لتخرجن الكتاب أو لنجردنك. فلما رأت الجد منه، قالت: أعرض.
فأعرض، فحلت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليهما

فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: (من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش) يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا، فقال: ما هذا يا حاطب؟
فقال: لا تعجل عليّ يا رسول الله، والله إني لمؤمن بالله ورسوله، وما ارتددت ولا بدلت، ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش، لست من أنفسهم، ولي فيهم أهل وعشيرة وولد، وليس لي فيهم قرابة يحمونهم، وكان من معك لهم قرابات يحمونهم، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي.
فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فإنه قد خان الله ورسوله، وقد نافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد شهد بدرا، وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» ، فذرفت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم
البخاري

وهكذا أخذ الله العيون، فلم يبلغ إلى قريش أي خبر من أخبار تجهز المسلمين وتهيؤهم للزحف والقتال

وشفع لحاطب ماضيه الطيب مع الإسلام والمسلمين ونيته التي جعلته يتخذ هذا الموقف لا عن كفر او بغض للإسلام وإنما مصانعة لقريش من أجل أهله وأولاده وقد سامحه الله على هذا الضعف الانساني الذي تعرض له فى هذا الموقف ، وفى حاطب نزل قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ ...}
(سورة الممتحنة :1)


سلسلة السيرة النبوية 🔻فتح مكة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع