مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻في المدينة المنورة

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


20/02/2023 القراءات: 476  


سلسلة السيرة النبوية

🔻في المدينة المنورة

ركب رسول الله ﷺ ناقته من ديار بني سالم بن عوف ، وأرخى لها الزمام ، حتى دخل المدينة في جو مشحون بالفرح والسرور ، وكان يوماً تاريخياً مشهوداً ، فقد كانت البيوت والسِّكَكُ تَرَتُّج بأصوات التحميد والتكبير .

قال أنس رضي الله عنه:
" ما رأيت يوماً قط أنور ولا أحسن من يوم دخل رسول الله ﷺ وأبو بكر الصديق المدينة - يعني بعد الهجرة - ".

و قال البراء رضي الله عنه :
"ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله ﷺ حين قدم المدينة ، حتى جعل الإماء يقلن : قدم رسول الله "
فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون :
يامحمد يارسول الله .

و قال أنس رضي الله عنه :
" لما كان اليوم الذي دخل رسول الله ﷺ فيه المدينة أضاء منها كل شيئ ".
و خرجت جوار يضربن بالدف وهُنَّ يَقُلْن :
نحن جوارٍ من بني النَجَّار
يا حَبَّذا محمد من جار

ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ،والأنصار وإن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته‏ وقالوا: هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم‏:‏ "خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏"‏

فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلًا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك في بني النجار ـ أخواله صلى الله عليه وسلم ـ وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله، يكرمهم بذلك

فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه إلى رحـله(متاعه)، فأدخله بيته،فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"المرء مع رحله‏" ، وجـاء أسعد بن زرارة فأخـذ بزمام راحلته، فكانت عنــده‏.‏

وفي رواية أنس رضي الله عنه عند البخاري، قال نبى الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"أي بيوت أهلنا أقرب‏؟‌‏" فقال أبو أيوب رضي الله عنه ‏:‏ أنا يا رسول الله ، هذه دارى، وهذا بابي‏
قال‏:‏ ‏"فانطلق فهيئ لنا مقيلًا‏"‏
قال‏:‏ قوما على بركة الله ‏.‏

وبعد أيام وصلت إليه زوجته السيدة سَوْدَة رضي الله عنها ، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهما ، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، رضي الله عنهم وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكرالصديق ومنهم السيدة عائشة رضي الله عنهم جميعا ،وبقيت السيدة زينب رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر‏.‏

وفي البخاري عن السيدة عائشة‏ رضي الله عنها قالت:‏ "وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله ، فكان بُطْحَان يجرى نَجْلًا " أي ماءً آجِنًا‏.‏
وقالت رضي الله عنها ‏:‏" لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما ، فدخلت عليهما فقلت‏:‏ يا أبه كيف تجدك‏؟‏ ويا بلال كيف تجدك‏؟‏ قالت‏:‏ فكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أخذته الحُمَّى يقول‏:‏

كل امرئ مُصَبَّحٌ في أهله والموت أدنى من شِرَاك نَعْلِه

وكان بلال رضي الله عنه إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته(صوته) ويقول‏:‏

ألا ليت شِعْرِى هل أبيتَنَّ ليلة بـوَادٍ وحـولى إذْخِرٌ وجَلِيـلُ
وهل أردْن يومــًا ميـاه مِجَنَّة ** وهل يَبْدُوَنْ لى شامة وطَفِيلُ

قالت عائشة‏ رضي الله عنها : ‏ فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال‏:‌‏ ‏"اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء‏".‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجُحْفَة‏"
البخاري

وقد استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم، فأرى في المنام أن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت بالجحفة‏.‏ وكان ذلك عبارة عن نقل وباء المدينة إلى الجحفة فعن عبد الله بن عُمر رضى الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"رأيت كأن امرأةً سوداء، ثائرةَ الرأس خرجت من المدينةِ حتى نزلت بمَهْيَعَة، فتأولتها أن وباء المدينة نُقل إلى مَهْيَعة ـ وهى الجحفة ـ"
البخاري
وبذلك استراح المهاجرون مما كانوا يعانونه من شدة مناخ المدينة‏.‏


سلسلة السيرة النبوية 🔻في المدينة المنورة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع