مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 المؤاخاة بين المسلمين

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


22/02/2023 القراءات: 383  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 المؤاخاة بين المسلمين

واجه المهاجرون من مكة إلى المدينة مشاكل متنوعة، اقتصادية واجتماعية وصحية، فمن المعروف أن المهاجرين تركوا أهليهم ومعظم ثرواتهم بمكة، كما أن مهارتهم كانت في التجارة التي تمرست بها قريش، ولم تكن في الزراعة والصناعة وهما يشكلان أساسين مهمين في اقتصاديات المدينة

ولحل هذه المشكلة قام رسول الله صلى الله علبه وسلم بعمل من أروع ما يأثره التاريخ، وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

قال ابن القيم‏:‏ ثم أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، أخي بينهم على المواساة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوى الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 75‏]‏ رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة‏.‏

ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يكون أساس الولاء والبراء إلا الإسلام‏ ، وقد امتزجت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة وإسداء الخير في هذه الأخوة، وملأت المجتمع الجديد بأروع الأمثال‏ ،

ومن النماذج الفريدة لهذه المؤاخاة ،مارواه البخاري‏:‏ أنهم لما قدموا المدينة أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن ابن عوف وسعد ابن الربيع رضي الله عنهما ، فقال لعبد الرحمن‏:‏ إني أكثر الأنصار مالًا، فاقسم مالى نصفين، ولى امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال‏:‏ بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم‏؟‏ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب(رجع) إلا ومعه فضل من أقِطٍ وسَمْنٍ، ثم تابع الغدو، ثم جاء يومًا وبه أثر صُفْرَة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"مَهْيَمْ‏؟‌‏" قال‏:‏ تزوجت‏.
‏قال‏:‏ ‏"‏كم سقت إليها‏؟‌‏"
قال‏:‏ نواة من ذهب‏.‏

وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قالت الأنصار للنبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل‏.‏ قال‏:‏ ‏"لا‏"
فقالوا‏:‏ فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة‏.‏ قالوا‏:‏ سمعنا وأطعنا‏.‏

وهذا يدلنا على ما كان عليه الأنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم المهاجرين، ومن التضحية والإيثار والود والصفاء، وما كان عليه المهاجرون من تقدير هذا الكرم حق قدره، فلم يستغلوه ولم ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم أودهم‏ ،ولقد أثرت فيهم هذه المعاملة الكريمة فلهجت ألسنتهم بكرم الأنصار

فعن أنس رضي الله عنه قال :قال المهاجرون : يارسول الله مارأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا من كثيرا ،لقد كفونا المئونة واشركونا في المهنأ ،حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال :
"لا ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم"
الترمذي
و كانت هذه المؤاخاة حلًا رشيدًا لكثير من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون


سلسلة السيرة النبوية 🔻 المؤاخاة بين المسلمين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع