مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


[فصل أسباب موانع العقاب وثمرات التوحيد والدعاء]

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


21/05/2023 القراءات: 180  


[فصل أسباب موانع العقاب وثمرات التوحيد والدعاء]
) (والمأثور المرفوع منه) .
قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله - في أثناء كلام له: الذنوب تزول عقوباتها بأسباب بالتوبة وبالحسنات الماحية وبالمصائب المكفرة، لكنها من عقوبات الدنيا، وكذلك ما يحصل في البرزخ من الشدة وكذلك ما يحصل في عرصات القيامة، وتزول أيضا بدعاء المؤمنين كالصلاة عليه، وشفاعة الشفيع المطاع لمن شفع فيه.
وسئل ما السبب في أن الفرج يأتي عند انقطاع الرجاء بالخلق؟ وما الحيلة في صرف القلب عن التعلق بهم وتعلقه بالله عز وجل؟ فقال سبب هذا تحقيق التوحيد: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، فتوحيد الربوبية أنه لا خالق إلا الله عز وجل فلا يستقل شيء سواه بإحداث أمر من الأمور، بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكل ما سواه إذا قدر شيئا فلا بد له من شريك معاون وضد معروف، فإذا طلب مما سواه إحداث أمر من الأمور طلب منهما لا يستقل به ولا يقدر وحده عليه إلى أن قال: فالراجي مخلوقا طالب بقلبه ما يريده من ذلك المخلوق وذلك المخلوق عاجز عنه.
ثم هذا من الشرك الذي لا يغفره الله عز وجل، فمن كمال نعمته وإحسانه إلى عباده أن يمنع تحصيل مطالبهم بالشرك حتى يصرف قلوبهم إلى التوحيد، ثم إن وحده العبد توحيد الإلهية حصلت له سعادة الدنيا والآخرة إلى أن قال فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم من الشدة والضرر ما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين، ويرجونه ولا يرجون أحدا سواه، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه، وحلاوة الإيمان، وذوق طعمه، والبراءة من الشرك، ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف والجدب، أو حصول اليسر، أو زوال العسر في المعيشة.
فإن ذلك لذة بدنية ونعمة دنيوية قد يحصل منها للكافر أعظم مما يحصل للمؤمن. وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله والدين فأعظم من أن يعبر عنه بمقال، أو يستحضر تفصيله بال، ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه، ولهذا قال بعض السلف: يا ابن آدم لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك.
وقال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة وأدعو فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضي انصرفت.
وفي بعض الإسرائيليات: يا ابن آدم البلاء يجمع بيني وبينك.
والعافية تجمع بينك وبين نفسك. وهذا المعنى كثير وهو موجود محسوس بالحس الباطن للمؤمن وما من مؤمن إلا وقد وجد من ذلك ما يعرف به ما ذكرناه، فإن ما كان من باب الذوق والوجد لا يعرفه إلا من كان له ذوق وحس، ولفظ الذوق وإن كان قد يظن أنه في الأصل مختص بذوق اللسان فاستعماله في الكتاب والسنة يدل على أنه أعم من ذلك مستعمل في الإحساس بالملائم والمنافي، كما أن لفظ الإحساس عام فيما يحس بالحواس الخمس، بل وبالباطن. وأما في اللغة فأصله الرؤية كما قال تعالى: {هل تحس منهم من أحد} [مريم: 98] .
وهذا الكلام بتمامه في آخر الكلام على دعوة ذي النون عليه وعلى نبينا وعلى سائر الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - رواه الترمذي والنسائي في اليوم والليلة والحاكم وقال صحيح الإسناد «فإنها لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» .
وفي الصحيحين عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع والأرض رب العرش الكريم» وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حزبه أمر. قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» . وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أهمه الأمر رفع طرفه إلى السماء فقال سبحان الله العظيم وإذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم» رواهما الترمذي وإسناد الثاني ضعيف.
وروى النسائي الأول من حديث ربيعة بن عامر والحاكم من حديث أبي هريرة.
وعن علي - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنظر ما صنع فجئت فإذا هو ساجد يقول: يا حي يا قيوم: يا حي يا قيوم ثم رجعت إلى القتال ثم جئت فإذا هو ساجد يقول يا حي يا قيوم لا يزيد على ذلك ثم ذهبت إلى القتال ثم جئت فإذا هو ساجد يقول ذلك ففتح الله عليه» . وعنه قال «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل بي كرب أن أقول لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين» رواهما النسائي والحاكم وروى ابن حبان الثاني.
وعن أبي هريرة مرفوعا «ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال: يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} [الإسراء: 111] » رواه الحاكم.
وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «دعوة المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» وعن أسماء بنت عميس قالت قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا» وفي رواية «أنها تقال سبع مرات» . وعن أبي سعيد الخدري قال «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال يا أبا أمامة ما لي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة؟ فقال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله قال: ألا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني» .


[فصل أسباب موانع العقاب وثمرات التوحيد والدعاء]


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع