مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (5)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


06/03/2023 القراءات: 373  


وقاتل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناوله السهام ويقول: "إرم فداك أبي وأمي" وكان سعد رضي الله عنه من مشاهير الرماة ، ويدل على مدى كفاءته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع أبويه لأحد غير سعد‏ رضي الله عنه

وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة أنزل الله نصره بالغيب، ففي الصحيحين عن سعد رضي الله عنه قال‏:‏ "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد"‏.‏ وفي رواية‏:‏" يعني جبريل وميكائيل‏. وقعت هذه الأحداث كلها بسرعة هائلة في لحظات خاطفة، وإلا فالمصطفون الأخيار من صحابته صلى الله عليه وسلم ،الذين كانوا في مقدمة صفوف المسلمين عند القتال ،لم يكادوا يرون تغير الموقف، أو يسمعوا صوته صلى الله عليه وسلم حتى أسرعوا إليه ؛ لئلا يصل إليه شيء يكرهونه، إلا أنهم وصلوا وقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقي من الجراحات ـ وستة من الأنصار قد قتلوا والسابع قد أثبتته الجراحات، وسعد وطلحة رضي الله عنهما يكافحان أشد الكفاح، فلما وصلوا أقاموا حوله سياجاً من أجسادهم وسلاحهم، وبالغوا في وقايته من ضربات العدو، ورد هجماته‏.‏ وكان أول من رجع إليه هو ثانيه في الغار أبو بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏

عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال أبو بكر الصديق‏:‏ لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أول من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت بين يديه رجلاً يقاتل عنه ويحميه، قلت‏:‏ كن طلحة، فداك أبي وأمي، كن طلحة، فداك أبي وأمي، ‏[‏حيث فاتني ما فاتني، فقلت‏:‏ يكون رجل من قومي أحب إلي‏]‏ فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح، وإذا هو يشتد كأنه طير حتى لحقني، فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا طلحة بين يديه صريعاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‌‏(‏دونكم أخـاكم فقـد أوجب‏)‏ قال‏:‏ فأقبلنا على طلحة نعالجه، فإذا به بضع وستون أو أقل أو أكثر، بين طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه‏.‏

وحينئذ استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشق الطريق إلى جيشه ، فأقبل إليهم فعرفه كعب بن مالك رضي الله عنه وكان أول من عرفه فنادي بأعلى صوته‏:‏ يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن اصمت وذلك لئلا يعرف موضعه المشركون ، إلا أن هذا الصوت بلغ إلى آذان المسلمين، فلاذ إليه المسلمون حتى تجمع حوله حوالى ثلاثين رجلاً من الصحابة‏.‏

وخلال هذه اللحظات الحرجة اجتمع حول النبي صلى الله عليه وسلم عصابة من أبطال المسلمين منهم أبو دُجَانة، ومصعب بن عمير، وعلى بن أبي طالب ، وسهل بن حنيف، ومالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري، وقتادة ابن النعمان، وعمر بن الخطاب، وحاطب بن أبي بلتعة، وأبو طلحة رضي الله عنهم جميعا ،وظهرت منهم بطولات نادرة في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم

وبعد هذا التجمع ورغم ما أصاب المسلمين من جراح، وما لحق بالرسول صلى الله عليه وسلم من أذى فقد استمر القتال بين الطرفين وأجهد الجانبين ،وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانسحاب المنظم إلى شعب جبل أحد ،وهو يشق الطريق بين المشركين والمهاجمين ،واشتد المشركون في هجومهم ،لعرقلة الانسحاب إلا أنهم فشلوا أمام البطولات النادرة التى أظهرها الصحابة رضون الله عليهم

فقد دافع أبو طلحة الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتترس مع النبي صلى الله عليه وسلم بترس واحد ، وكان راميا فكان النبي يشرف على القتال فيقول له أبو طلحة: " بأبي أنت و أمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك" وكان إذا مر الرجل معه جعبة السهام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "انثرها لأبي طلحة" وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن إعجابه بقتاله فقال: "لصوت أبي طلحة في الجيش أشد على المشركين من فئة"

وكان أبا دجانة رضي الله عنه يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم بظهره حتى كثر النبل فيه، و قد أبلى قتادة بن النعمان رضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيبت يومئذ عينه فردها الرسول صلى الله عليه وسلم بيده فكانت أحسن عينيه.

وقاتل مصعب بن عمير بضراوة بالغة، يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم هجوم ابن قمئة وأصحابه، وكان اللواء بيده، فضربوه على يده اليمني حتى قطعت، فأخذ اللواء بيده اليسري، وصمد في وجوه الكفار حتى قطعت يده اليسري، ثم برك عليه بصدره وعنقه حتى قتل، وكان الذي قتله هو ابن قمئة، وهو يظنه رسول الله ـ لشبهه به ـ فانصرف ابن قمئة إلى المشركين، وصاح‏:‏ إن محمداً قد قتل

ولما قتل مصعب رضي الله عنه ،أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء على بن أبي طالب رضي الله عنه، فقاتل قتالاً شديداً، وقامت بقية الصحابة الموجودين هناك ببطولاتهم النادرة، يقاتلون ويدافعون‏.‏

وتبع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، عتبة بن أبي وقاص ،الذي كسر رباعية الرسول صلى الله عليه وسلم، فضربه بالسيف فقتله ثم أخذ فرسه وسيفه

وتبع المسلمون وهم ينسحبون إلى الجبل ،أبي بن خلف وهو يقول :أي محمد لا نجوت إن نجوت ، فقال القوم : يارسول الله أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"دعوه "فلما دنا تناول رسول الله الحربة من أحد أصحابه ثم استقبله وطعنه في عنقه فجرحه ،فرجع إلى أصحابه ومات في طريق عودتهم من أحد .


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (5)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع