مدونة الباحثة لطيفة المهدي شوقي


عقيدة الأقصى بين العلم والعمل

د. لطيفة المهدي شوقي | Dr.Latifa Elmehdi CHAOUKI


06/01/2024 القراءات: 705  


الكثير ممن يسأل كيف أنصر الأقصى ؟ وماذا يمكنني أن أقدم للقضية الفلسطينية؟ وماذا يسعني فعله من موقعي هذا؟ إن نصرة الأقصى تكون أولا ايمانا واعتقادا، فمن أراد أن ينتصر للأقصى وجب أن تكون لديه عقيدة مقدسية راسخة وثابتة تدين بأن المسجد الأقصى أول القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، ويكفيه شرفا وتشريفا أن الله عز وجل قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سورة الإسراء-آية 1، والمتدبر لهذه الآيات يعلم أن الله سبحانه بين لعباده عظمة هذا البيت الطاهر والبقعة المباركة حوله، وأنه مسرى محمد صلى الله عليه وسلم ومصلى أنبياء الله جميعا عليهم السلام. وهذا الإعتقاد الراسخ بثبوت هذا التشريف وهذه الإصطفاء هو نواة العقيدة المقدسية التي بدورها لا تتجزأ من العقيدة الإسلامية السمحة. ثم إن النصرة تكون قولا، وهذا يكون بنصرة الحق والتحدث عنه وتكراره على مسامع الناس في المحافل والمناسبات الوطنية والدولية ليظل ظاهرا للناس راسخا في أذهناهم وهذه النصرة تبتدأ بالمحيط الداخلي الصغير وهو الأسرة وتمتد إلى المحيط الخارجي الواسع، فكلما صدح الناس بقضية الأقصى إلا وبقيت ظاهرة وحاضرة في صدور الناس، فالحق يموت في الصدور قبل أذهانهم. وتكون تنشئة، بتربية جيل على عقيدة صحيحة راسخة وأخلاق سامية وعلم مقرون بأدب، فلسان الحال اليوم يقول أن التغيير الجذري الآني صعب، لذلك فالتغيير يكون بالإشتغال والعمل على المدى البعيد وتربية ناشئة قوية متعلمة متمكنة بمقدروها حمل قضية الأقصى في الصدر وحمل مصحف في الجيب وعلم راسخ في العقل، ولا محالة أن ما يزرع في الأجيال القادمة من بذور إذا استوفى شروط الزراعة السليمة سيؤتي أكله ويغيظ الزراع. وتكون نصرة الأقصى بطلب العلم بجميع حقوله وتخصصاته سواء كان علما شرعيا يصون عقائد الناس ويجعل لهم منهجا للعيش القويم، أو علوم حقة بها يخدم الناس مصالحهم ويواكبون تقدم العصر، أو علوم إنسانية تقوي السلوك والفكر الطليق والمستنير وتدفعهم للإنتاج الأدبي والفكري، كما لا ننسى العلوم الحديثة من تقنيات التكنولوجيا المتطورة ووسائل الإعلام والتواصل ويترسخ ذلك بتطوير أدوات البحث العلمي والتكنولوجي وتثبيت أخلاقيات البحث العلمي وتحسين المستوى التربوي التعليمي واسثتمار الطاقات البشرية في الإنتاج والإبتكار والإبداع ، فالعلم والفكر هما سلاح الدول الكبرى اليوم، كلما اهتمت الدول بنمائه ازدادت القوة وفرضت السلطة وحفظت الحقوق والهويات والخصوصيات الثقافية والإسلامية من الضياع أمام عولمة القيم والأخلاق ، وأمام سلطة المبادئ الدولية التي لا تحترم الأديان ولا الهويات. فلذلك وجب على كل بلد يسعى إلى النمو وتحقيق التنمية المستدامة مقابل حفظ خصوصيته ووحدته الدينية والثقافية أن يهتم بميدان البحث العلمي ويخصص له الطاقة الفكرية والبشرية والمالية التي ترفعه الى أعلى المستويات، وعندما يثمر العلم فإنه يغني ويكفي زراعه. إن نصرة الأقصى ليس قضية أفراد أو جماعات أو دول دون أخرى، إنما هي قضية كل مسلم أقر لله بالوحدانية وشهد برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وستبقى مستمرة واجبة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


الأقصى، النصر، الإعتقاد، العمل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع