مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة أمهات المؤمنين جويرية بنت الحارث (رضي الله عنها)(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


24/04/2023 القراءات: 212  


وكانت جويرية تأتي وتمكث للاطمئنان عليه، وحين تخلو بنفسها في حجرتها تبكي وتتألم، وتسأل الله تعالى أن يخفف ما برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ألم المرض. فلما كان يوم وفاته عليه الصلاة والسلام ولحوقه بالرفيق الأعلى، كانت جويرية بين الحضور، بل كانت أدنى الناس من فراشه، تتأمل الوجه الشريف، ثم تبكي، ولكن دون نحيب أو عويل.
وعاد كل إلى داره ومأواه… وعادت جويرية إلى حجرتها، وإلى وحدتها، وليس لها من أنيس أو جليس سوى اتصالها الدائم بالله تعالى عن طريق عبادتها، قياماً وصياماً.
كانت (رضي الله عنها) شأن أمهات المؤمنين جميعاً، موضع حفاوةٍ واحترام وتقدير من أجلاء الصحابة. تصلها أعطياتها، ومخصصاتها من بيت المال، فتنفقها كلها على المساكين والمحتاجين والفقراء والمعوزين، تأسياً بسيد الخلق (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي علمهن أعظم الأمثولات، وأسمى الدروس.
وكانت (رضي الله عنها) تقصد الحج عندما يؤذن المؤذن بالرحيل، فتؤدي المناسك بقلب طاهر خاشع، ثم تعود إلى المدينة حيث مستقرها بجوار الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم) فتقيم في بيتها عابدة خاشعة، وتستأذن في زيارة الرمس الطاهر بين الحين والحين لتقف عنده بكل صفائها وحبها واحترامها مسترجعة أيام الذكرى متشوقة ليوم اللقاء في الجوار الكريم.
موقفها من الفتن
وعصفت في أيام خلافة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) الفتن بالمسلمين، وذر قرنها وأطلت على الأمة برؤوس الشياطين. فوقفت جويرية (رضي الله عنه) في الخصومات موقف المحايدة الحريصة على وحدة الأمة وترابطها وتماسكها، فكانت لا تصدر في أقوالها وأفعالها إلا عن دعوة إلى الخير والمحبة والسلام، فلا تناصر فئة على فئة، ولا تقف إلى جانب جماعة دون أخرى. اعتزلت يوم الجمل بعد استشهاد عثمان (رضي الله عنه) بل وجهت النصيحة إلى عائشة (رضي الله عنها) كما فعلت أم سلمة وغيرهما من أمهات المؤمنين. وكانت رضي الله عنها تدعو إلى الله أن يحجب دماء المسلمين وأرواحهم. وكذلك فعلت بعد استشهاد علي (رضي الله عنه)، كرم الله وجهه، لقد لزمت دارها وألزمت نفسها موقف الحق والعدل، وحب المسلمين جميعاً.
وفاتها (رضي الله عنها)
ولما أطل شهر ربيع الأول من العام السادس والخمسين للهجرة، كانت جويرية (رضي الله عنها) قد شاخت، ووهن منها العظم وضعفت ووقعت تحت وطأة المرض الذي لم ينفع معه علاج، ثم وافتها المنية وانتقلت إلى جوار الكريم، وصلى عليها والي المدينة يومئذ مروان بن الحكم، وكانت جنازتها مشهودة.
رضي الله عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث الحسيبة النسيبة، الطاهرة العفيفة، التقية النقية، الصوامة القوامة، المتصدقة الكريمة، وأكرم الله نزلها ومثواها.


سلسلة أمهات المؤمنين جويرية بنت الحارث (رضي الله عنها)(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع