مدونة امصنصف كريم بن محمد


شرح نظم في جمع القرآن وتدوينه

امصنصف كريم بن محمد | Msansaf Karim ben mohammed


03/04/2021 القراءات: 5189  


لقد قرأت آبياتا في جمع القرآن وتدوينه من منظومة كشفُ العَمَى والرَّيْنِ عنْ نَاظِرِي مُصْحَفِ ذِي النُّورَيْنِ، وهي من تأليف مُحَمَّدٌ العاقِبُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ مَايَابِي الجَكَنِيُّ الشنقيطي (ت: 1312 هـ)، وهو نظم في رسم المصحف، ويقع في 417 بيتا من بحر الرجز، وهو مطبوع محققا، فأحببتها وقمت بشرحها من خلل كتاب مناهل العرفان للزرقاني.
النظم:
الفصلُ الثاني: فيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَمْعِهِ ومَنْ سَبَقَ بِهِ:
28 - لَمْ يُجْمَعِ القُرْآنُ في مُجَلَّدِ ... على الصحيحِ في حَيَاةِ أَحْمَدِ
29 - للأَمْنِ فيهِ مِنْ خِلافٍ يَنْشَأُ ... وَخِيفَةَ النَّسْخِ بِوَحْيٍ يَطْرَأُ
30 - وَكانَ يُكْتَبُ على الأَكْتَافِ ... وقِطَعِ الأُدْمِ واللِّخَافِ
31 - وبَعْدَ إِغماضِ النَّبِيِّ فالأَحَقُّ ... أنَّ أَبَا بَكْرٍ بِجَمْعِهِ سَبْقُ
32 - جَمْعُهُ غَيْرُ مُرَتَّبِ السُّوَرْ ... بعدَ إِشارةٍ إِلَيْهِ مِنْ عُمَرْ
33 - ثُمَّ تَوَلَّى الجَمْعَ ذُو النُّورَيْنِ ... فضَمَّهُ ما بينَ دَفَّتَيْنِ
34 - مُرَتَّبَ السُّوَرِ والآياتِ ... مُخَرَّجاً بأَفْصَحِ اللُّغَاتِ
الشرح:
جمع القرآن وتدوينه:
المقطع الأول: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الناظم: (لَمْ يُجْمَعِ القُرْآنُ في مُجَلَّدِ ... على الصحيحِ في حَيَاةِ أَحْمَدِ) أي من المؤكد المقطوع به أن القرآن لم يكن مجموعا في مصحف على عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ (للأَمْنِ فيهِ مِنْ خِلافٍ يَنْشَأُ) لأنه لم يوجد من دواعي كتابته في مصحف مثلما وجد على عهد عثمان رضي الله عنه حتى نسخه في مصاحف فالإسلام لم يستبحر عمرانه بعد والفتنة مأمونة فلا سبب يدعو إلى اختلاف المسلمين في قراءة القرآن، (وَخِيفَةَ النَّسْخِ بِوَحْيٍ يَطْرَأُ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات، فلو جمع القرآن في مصحف والحال على ما قلنا لكان عرضة لتغيير المصحف كلما وقع نسخ، مع أن الظروف لا تساعد، وأدوات الكتابة ليست ميسورة.
(وَكانَ يُكْتَبُ على الأَكْتَافِ ... وقِطَعِ الأُدْمِ واللِّخَافِ) وغيرها من أنواع أدوات الكتابة المتيسرة لكتابة الوحي القرآني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأكتاف: هي ألواح عظام البعير أو الشاة، وكانوا إذا جف كتبوا فيه، وقطع الأديم: جلد الحيوانات المدبوغ؛ خاصة جلد الجمال الحمر، واللخاف: جمع لخفة؛ وهي الحجارة الرقيقة المستدقة أو صفائح الحجارة الرقاق فيها عرض ودقة.
المقطع الثاني: جمع القرآن على عهد أبي بكر رضي الله عنه:
(وبَعْدَ إِغماضِ النَّبِيِّ) عينيه حين توفاه الله قيل: إن عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنه كان أول من جمع القرآن في مصحف، وضعفه الناظم بقوله: (فالأَحَقُّ ... أنَّ أَبَا بَكْرٍ بِجَمْعِهِ سَبْقُ) فالصحيح المعروف هو أن أبا بكر الصديق لما تولى الخلافة كان هو أول من جمع كتاب الله في مصحف، (جَمْعُهُ غَيْرُ مُرَتَّبِ السُّوَرْ) بين دفتي المصحف لكنه كان مرتب الآيات في السور، وذلك (بعدَ إِشارةٍ إِلَيْهِ مِنْ عُمَرْ) بن الخطاب رضي الله عنه؛ إذ بعد مقتل أهل اليمامة خشي عمر ذهاب القرآن أو شيء منه بموت القراء الحفاظ، فكان أول من أشار بجمعه على الخليفة الصديق رضي الله عنه.
المقطع الثالث: جمع القرآن على عهد عثمان رضي الله عنه:
(ثُمَّ تَوَلَّى الجَمْعَ) القرآني الخليفة الثالث عثمان بن عفان (ذُو النُّورَيْنِ ... فضَمَّه)ُ أي جمع في (ما بينَ دَفَّتَيْنِ) المصحف؛ القرآن (مُرَتَّبَ السُّوَرِ)، (و) مرتب (الآياتِ) في السور.
ودستور عثمان في كتابة المصحف الإمام هو أن يكون (مُخَرَّجاً بأَفْصَحِ اللُّغَاتِ) فمنهج الجمع العثماني عند الاختلاف في حرف من عربية القرآن أمروا بكتابته بلسان قريش، إذ ورد في الحديث الصحيح: ''قال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فأكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا''.


علوم القرآن


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع