مدونة رائد محمد حلس


تأثير غلاء الأسعار والاحتكار والسوق السوداء على وعي الشباب وبناء المجتمع أثناء الحرب على غزة

د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles


01/01/2025 القراءات: 112  


بقلم
د. رائد حلس
باحث ومختص في الشأن الاقتصادي
غزة - فلسطين
تشهد غزة خلال الحرب الحالية والمتواصلة ظروفًا اقتصادية متردية أثرت بشكل مباشر على حياة السكان، وخصوصًا الشباب الذين يُعتبرون عماد المجتمع والمستقبل، ومع تكرار الحروب، تتفاقم التحديات الاقتصادية نتيجة الحصار وغياب الفرص، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار وتنامي ظاهرة الاحتكار وظهور السوق السوداء، وهذه العوامل تؤثر بعمق على الوعي العام للشباب وطموحاتهم ودورهم في بناء المجتمع.
أحد التأثيرات الملحوظة لغلاء الأسعار هو الضغط النفسي الذي يواجهه الشباب، فارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء، الوقود، والأدوية أدى إلى شعور متزايد بعدم الأمان الاقتصادي، حيث يشعر الشباب في غزة بضعف قدراتهم على تلبية احتياجاتهم الشخصية والعائلية مما يدفع بعضهم للعمل في ظروف شاقة ومنخفضة الأجر، هذا الضغط يولّد إحباطًا يؤدي في أحيان كثيرة إلى ضعف في الانتماء الاجتماعي وتصاعد الأفكار السلبية، الأمر الذي قد يؤثر على وعيهم واستعدادهم للمشاركة في بناء المجتمع بشكل إيجابي.
ومن جهة أخرى، يزيد الاحتكار من تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث تقوم بعض الجهات القادرة على تخزين السلع الأساسية بمنعها عن السوق بغرض رفع الأسعار، مستغلةً شحّ الموارد وغياب الرقابة، هذا السلوك يزيد من مشاعر الإحباط لدى الشباب الذين يرون أن هناك من يستغل حاجاتهم لتحقيق أرباح شخصية على حسابهم، وبالتالي ينتج عن ذلك شعور بالظلم واهتزاز في الثقة بالمجتمع، الأمر الذي يعزز لدى البعض الرغبة في الهجرة بحثًا عن حياة أفضل
أما السوق السوداء، فتُمثّل تحديًا آخر يتسبب في رفع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مبرر، حيث يعاني الشباب خاصة من هذا الوضع، إذ يجدون أنفسهم مضطرين للجوء إلى شراء بعض الاحتياجات الأساسية من مصادر غير رسمية بأسعار مضاعفة، الأمر الذي يؤدي إلى غياب الاستقرار المالي، حيث تستهلك هذه الأسعار المرتفعة جزءًا كبيرًا من الدخل المتاح، وهو ما يؤثر بدوره على قدرتهم على الادخار أو التفكير في الاستثمار بمشاريع صغيرة، مما يحد من فرص التنمية في المجتمع.
من الناحية الفكرية، تؤدي هذه الأوضاع إلى رفع مستوى الوعي السياسي والاقتصادي لدى الشباب في غزة، فالكثيرون باتوا على دراية أكبر بكيفية تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية على حياتهم اليومية، ومع الوقت، تتزايد الرغبة في التغيير نحو نظام اقتصادي أكثر عدالة، حيث يسعى الشباب إلى تعزيز التضامن والمشاركة المجتمعية كوسيلة للتغلب على تحديات الاحتكار والغلاء، هذا الوعي المتزايد يشكل أساسًا لبناء مجتمع يرفض الظلم الاقتصادي، ويعمل على تعزيز التكاتف والتعاون من أجل مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.


الجرب على غزة - علاء الأسعار - الشباب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع