تحقيق النصوص -المفهوم والغاية-
05/11/2021 القراءات: 2555
**التحقيق**
الحمد لله وبعد:
بعض الناس لا يتبادر إليه من مفهوم تحقيق النصوص إلا ذلك الكتاب الذي بلغت حواشيه ترقوته فكاد يختنق بها، فربما أنكرت نفسه الكتاب الذي ليس على هذه الصفة، ظنا منه أن هذا هو التحقيق! وإنما تسرب هذا إلى أفكار الناس من جراء النُّظم الأكاديمية التي لا تقر لها عين إلا بالكتاب المخنوق.
والواقع أن تحقيق النص هو ضبطه وتصحيحه ومقابلته بدرجة أولى، ثم تخريج آياته وأحاديثه وآثاره وعزو نقوله وشرح غريبه وما إليه في درجة ثانية، كل ذلك بقدر حاجة الكتاب والقارئ، فلا يجعل أسفله عبارة عن كتاب تفسير أو حديث أو فقه أو غريب، وقس عليه، بل القصد القصد؛ لأن ذلك قد يطغى فيصرف عن العناية بالنص إلى التَّهمم بتزويق الحواشي.
أما التوسع في تحرير النزاع في المسائل الخلافية وعزو الأقوال والتخريج وذكر الأدلة ونحو ذلك فهذا من عمل الشارح أو المحشي لا من عمل المحقق، فمن أراد ذلك فليشرح الكتاب أو ليجعل له حاشية مستقلة، لكن لا يسميه تحقيقا.
وخاصة إذا كان الكتاب محدود الفئة لا يقرؤه إلا المتخصصون، فاعلم أنه لا حاجة لهم إلا في نص صحيح واضح؛ لحاجتهم في صرف الذهن إلى المضمون سواء لدراسته أو نقده ونحو ذلك.
ومن أراد أن يخدم الكتاب حقيقة فليعتن بنصه أشد العناية ضبطا وتصحيحا ومقابلة، وليعتن أيضا بالتعريف به واستخراج مصادره وتوضيح منهجه وإبراز قيمته في دراسة جدية موثقة.
هذا هو مفهوم التحقيق الواضح وتلك هي غايته.
والله أعلم.
19/01/2021
#جمال_الجيجلي
التحقيق، المخطوط، النصوص
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
شكر الله لك أخي جمال، تنبيه في محلّه....
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة