مدونة أحمد البحيري


تعليم التفكير الناقد ضرورة لمواجهة تحديات العولمة

أحمد عبده علي البحيري | Ahmed Abdo Ali Al-Baheri


21/07/2020 القراءات: 3590  


أحمد البحيري
يعد النظام التربوى من أكثر النظم المجتمعية حساسية للتغيرات الحادثة من حولـه ، فى فضائه القريب ( المحلى ) ، أو فضائه البعيد ( الكونى ) .ولذا كان النظام التربوى مطالباً دوماً بأن ينخرط فى علاقات تفاعل نشط مع المتغيرات المحيطة به ، حيث لا يعمل هذا النظام فى فراغ ، كما لا يُقبل منه أن يتخلف عن حركة التغيرات العلمية والتكنولوجية والمعرفية والثقافية الكبرى من حوله .

إن التحديات التي صاحبت « العولمة » ونشأت عن تناميها وتداعياتها ، باتت تمثل التحدي الأكبر أمام التربويين وغيرهم من المعنيين بالشأن التربوي من مختلف جوانبه .لقد أخذت معالم العولمة وتداعياتها وتجليّاتها تتضح بصورة تكشف عن توجهاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية إلى جانب التدفقات المتواصلة فى إنتاج المعرفة بمختلف أشكالها ومختلف ميادين توظيفها .

وفى الجانب الآخر للعولمة ، تتداخل نتائج ومعطيات الثورات العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية بمختلف تيارات العولمة مما أدى إلى انبثاق وتولد كثير من الهواجس الإنسانية بشأن الجدل حول منافع العولمة و مضارها فلم يعد السؤال المطروح اليوم هل نقبل أم نرفض العولمة وانما كيف نتعامل معها وكيف نستطيع مواجهتها من خلال نظامنا التربوي التعليمي على وجه التحديد رغم أنه النظام الأكثر تأثرا بها .
ورغم تعدد الدراسات والأبحاث في هذا الجانب فإننا سنقتصر في هذا المقال على التفكير الناقد كأحد الوسائل المهمة في التعامل مع العولمة بإيجابية. فما هو التفكير الناقد وكيف يمكن الاستفادة منه في تعليمنا؟
مفهوم التفكير الناقد:
أ ـ المفهوم اللغوي: تفيد كلمة (نقد) في اللغة العربية: اختيار الشيء لتمييز الجيد من الرديء، وبناءً عليه فإن تدريب المتعلمين على التفكير الناقد يكون بإكسابهم مهارة التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الصح والزائف فيتمكنوا بذلك من تقويم مسيرتهم باتجاه إتقان العمل والإبداع. وجاء في لسان العرب النقد: خلاف النسيئة، والنقد ولتنقاد: تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها، ونقدت الدراهم وانتقدتها إذا أخرجت منها الزيف، وناقدت فلاناً إذا ناقشته في الأمر.
ب ـ المفهوم الاصطلاحي ::
يعرف مور وباركر (Moor and Parker) التفكير الناقد بأنه " عبارة عن الحكم الحذر والمتأني لما ينبغي علينا قبوله أو رفضه أو تأجيل البت فيه حول مطلب ما أو قضية معينة، مع توفر درجة من الثقة لما نقبله أو نرفضه ". ويرى بوليت (Polette, 1982) " بأن التفكير الناقد هو التفكير الذي يتطلب استخدام المستويات المعرفية العليا الثلاث في تصنيف بلوم، وهي التحليل والتركيب والتقويم ".

ضرورة تعليم التفكير الناقد
إن الاهتمام العالمي بموضوع التفكير الناقد منذ منتصف القرن العشرين الماضي، حيث ظهرت الدعوات إلى التربية الناقدة، والتعلم الناقد، لأنه من وجهة نظر كثير من التربويين يسهم في جعل الطالب أكثر دقة ووعياً بشئون الحياة، وبالتالي أكثر قدرة على الدفاع عن وجهة نظره. وكذا حماية للطالب من التجريف الإعلامي.و منذ نهاية القرن العشرين، أصبح التفكير الناقد سمة أساسية للفرد المتعلم ومتطلب للمواطنة المسئولة في المجتمعات الديمقراطية التي تواجه تحديات تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأصبح تعليم مهارات التفكير الناقد استجابة لمتطلبات مواجهة تحديات العولمة وتجلياتها في مختلف جوانب حياة المجتمعات وما يشهده العالم من تغيرات متسارعة في العلم والمعرفة والاختراع وتدفق المعلومات وما توفره وسائل الاتصال من إمكانات للفرد والمجتمع ، كل ذلك يجعل من امتلاك الفرد لمهارات التفكير الناقد ضرورة ملحة مما جعل مهمة تنمية مهارات التفكير لدى كل فرد في المجتمع وتعليمها تأخذ مكان الصدارة في ملامح فلسفة التربية ، ومن أولويات مهام السياسة التعليمية ليس في المجتمعات المتقدمة فحسب بل، و في جميع المجتمعات بصرف النظر عن مستوى تطور كل منها وبهذا لم يعد نجاح الإنسان في مواجهة هذه التحديات وضمان مستقبل مهني زاهر يعتمد على الكم المعرفي الذي يمتلكه بقدر ما يعتمد على قدرته على المشاركة في إنتاج المعرفة واستخدامها وتوظيفها، لذا أصبح التعلم الفعَال لمهارات التفكير حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى.


التفكير -الناقد - العولمة - ال


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع