التسول السياسي بين الغايات والوسائل:
ا.د طارق هاشم الدليمي | Proof.Dr Tariq hashim khamees
25/05/2021 القراءات: 4823 الملف المرفق
التسول السياسي بين الغايات والوسائل:
تستعر هذه الايام حملات المرشحين للانتخابات البرلمانية ، ومع كل ما تحمله هذه الحملة من اسفاف وخداع وبيع للضمائر وشراء للذمم ، غير ان فيها ملاحظة جديرة بالإنتباه ، الا وهي عملية " التسول السياسي " التي يمارسها المرشحون للإنتخابات ..
فالمتسول الإجتماعي يمتطي عاملا اساسيا وهو استجداء عاطفة الآخرين للحصول على مغانم مهما كانت وضيعة فهو يقبلها ممتناً ثم ينطلق الى استجداء مغنم اخر وهكذا ..
والمتسول الإجتماعي ليس لديه من املاك الآخرين وحقوقهم شيئاً يستعين به على خداعهم للحصول على مغانمه !!
والمتسول الإجتماعي لا يعد الاخرين بأن يعمل لهم كذا وكيت عندما يعطوه شيئاً بل انه يضع الأمر كله عند مثوبة الله جل وعلا في الدنيا والآخرة …
اما تشبيهنا للحملة الانتخابية المستعرة الآن بالتسول لأن خصائص وميكانيزمات التسول وحتى آليات عملية التسول السياسي تشترك بشكل مذهل مع التسول الاجتماعي فكلاهما ( المتسول السياسي والمتسول الإجتماعي ) قد احترفا استجداء عاطفة الاخرين سواء داخل الجماعات الطائفية والعشائرية والعرقية أو خارجها ..
ذلك ان المتسولين بنوعيهما قد راهنوا على استجداء عطف أفراد الجماعات المنتمين لها فضلا على مراهنتهم على دعم جماعات " خفية " مختلفة تدعمهم أمنياً ومالياً ..
الذي يحصل الآن أن عملية التسول السياسي تحصل أولا بخداع القاعدة الجماهيرية بأن هذا المرشح يقوم بأفعال تصب في خدمتهم ، ونسوا او تناسوا بأن هذه القاعدة قد بحت اصواتها في النداء على ضرورة الالتفات الى تقديم خدمات بسيطة مثل توفير البنى التحتية الأساسية كتبليط الشوارع والكهرباء !! وكانت ردود المسؤولين موحدة باتجاه عدم توفر التخصيصات المالية !! السؤال الذي غاب عنا - وهو لم يغب بالفعل - لماذا توفرت التخصيصات المالية قبل موعد الانتخابات بوقت قصير ؟ لكي نردد نحن ( واااااو !! ان المسؤول الفلاني يستحق ان ننتخبه لأنه بلط لنا الشارع !! او نلتقط السيلفي مع محولة كهرباء حصل عليها مسؤول مرشح آخر !!!! )
الجواب الذي غاب عنا بالفعل - وهو لم يغب فعلا - ان اموالنا التي سرقها المسؤولون كان " مجمدة " حتى وقت الانتخابات لتظهر الان في عملية تسول سياسي قذرة تسوق لنا المسؤول بأنه حريص على خدمتنا !! ..
والعملية الأخرى التي يتسول بها المرشحون هي اطلاق الوعود بأنني سأفعل كذا وكيت اذا ما انتخبتموني ، وهذه العملية بما انها قد تكررت كثيرا منذ العام ٢٠٠٤ ولحد اليوم فإنها لا تعدو كونها عملية ( استحمار ) متكررة وفخ قذر وقعنا فيه مرارا ..
( استثني من هذا احدى المرشحات التي التي التقيت بها مؤخرا فقد كان لها موقف مشرف من عملية اطلاق الوعود ، اذ رفضت قطعيا ان تعد جماهيرها بشيء قد لا تستطيع تحقيقه في حال فازت في الانتخابات ) وسأتحفظ على اسمها لكي لا يبدو كلامي دعاية انتخابية لها وسأعلنه بعد انتهاء الانتخابات …
عزيزي المرشح :
ان المراهنة على جماعات الإنتماء كاسم العائلة وقرابة الدم وبيئة التنشئة الاجتماعية قد يبدو مفيدا لك وقد يبدو مخيفاً لك ايضاً ، فأولاد القرى يعرفون اخوتهم كما يقول المثل الشعبي ..
عليك بالمراهنة على اشياء من قبيل ما يقدمه الفاعل السياسي لمجموعته من انجازات كبيرة تتمثل في اعادة كرامة وهيبة المجتمع والدولة وتفعيل القانون والعمل به وليس على تبليط شارع او الحصول على محولة كهرباء …
عزيزي الناخب :
احترم نفسك ، احترم حالك ، توقف عن بيع صوتك بحفنة نخالة وبعدها تجلس تندب حظك مثل العجائز …
تسول سياسي ، انتخابات ، خدمات ، استحمار
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع