مدونة الاستاذ المساعد سكنة جهية فرج الساري


الأسباب الاقتصادية لهجرة الكفاءات العلمية

الاستاذ المساعد سكنة جهية فرج الساري | SIKNA JAHYA FARAJ


03/06/2019 القراءات: 6622  



يمكن تحديد الأسباب الاقتصادية التي تقف وراء ظاهرة هجرة الكفاءات بما يلي:
- 1- عدم توفر فرص العمل في البلدان الأصلية:
يرى كثير من الباحثين أن من أبرز الأسباب التي تدفع الكفاءات العلمية للهجرة من بلدانهم الأصلية عدم توفر فرص العمل المناسبة لهم ولمستواهم العلمي والمهني، وأن أكثر الذين يستجيبون للهجرة هم من فئة الشباب بسبب عدم توافر فرص عمل تناسب مستوياتهم العلمية وخبراتهم العملية، ذلك أن الدول التي تمثل بلاد المهجر لديها طلب متزايد للكفاءات والمتعلمين والمهرة في معظم التخصصات، وبالتالي تحدث هجرة العقول من الدول التي يرتفـع فيها العرض إلى الدول التي يتزايد فيها الطلب، فالبطالة أو عدم توفر فرص العمل المناسبة في الدولة الأم هي التي تدفع بالعقول إلى الهجرة إلى الدول التي يزداد فيها الطلب عليهم، وتتوفر فيها فرص عمل وظروف حياة أفضل، كما أن تدني وهبوط معدلات الأجور لعمال الدول النامية تساهم في ازدياد حالات الهجرة من قبل الكفاءات المهنية والفنيةوهو ما يتضح جلياً في السبب الثاني من أسباب الهجرة.
2- - تباين مستوى الدخل بين الوطن الأصلي ووطن المهجر:
فقد أثبت الواقع المعاصر انخفاض مستوى الدخل وتدني مستوى المعيشة في البلدان الأصلية، في مقابل ارتفاع مستوى الدخل وتوفير الحياة الرغيدة في بلـدان المهجر، ففي الوقت الذي لا يتقاضى فيه العالم أو المفكر أو المهني سوى ما يسد به رمقه وبما لا يتجاوز حد الكفاف في بلده الأصلي، يجد نفسه في حالة من الرفاهية عند وصوله إلى بلد المهجر، ويشير أحد الكتاب من واقع الخبرة الشخصية التي عاشها فيقول: إن أحد الزملاء رجع من الولايات المتحدة الأمريكية إلى بلده الأصلي كطبيب جراح أعطي راتب ما يعادل (10) عشرة آلاف دولار أمريكي شهرياً وله (4) أربع عيادات أسبوعياً، ولديه خمس أسرة للتنويم في جناح فيه (25) خمسة وعشرون سريراً يتشارك فيه هو وزملاؤه من الجراحيين الآخرين، ويوم ونصف في الأسبوع للعمليات، وقد عمل في بلده الأصلي مدة سنة ونصف، ثم رجع للولايات المتحدة الأمريكية مره ثانية، فحصل على راتب بما يعادل (40) أربعين ألف دولار معفي من الضرائب، وعلى سكن مناسب، وسيارة، ومدارس خاصة للأبناء، وتأمين صحي كامل، وتذاكر سفر سنوية درجة أولى لأي مكان في العالم، بالإضافة إلى قسم طبي كامل يحتوي على (60) ستين سريراً يمكن له القيام بإجراء عملية في أي وقت يشاء، مع طاقم كامل للتمريض والرعاية ،مما يوضح الفرق الكبير بين الوفرة المالية بين البلد الأصلي وبلد المهجر.
3- - الإحباط العلمي والمهني للباحثين في مجالات البحث العلمي:
حيث أدى النقص الواضح في أدوات الدراسات الأكاديمية في الأوطان الأصلية للباحثين إلى الإحباط العلمي والمهني بسبب عدم توفر إمكانات وأدوات البحث العلمي المتمثلة في الكتب والمجلات العلمية المتخصصة، والمعدات والأجهزة، والوقت اللازم للبحث، والبنيان المؤسسي للبحث العلمي، والاتصال العلمي الدولي.
ويتمثل هذا الإحباط في تدني نسبة الإنفاق على البحث العلمي والدراسات الأكاديمية من الناتج القومي، مما يشكّل عقبة أمام العلماء والباحثين في إنتاجهم العلمي وفي سبل معاشهم ووضعهم المالي وعدم قدرتهم على نشر أبحاثهم العلمية.
فقد ورد في دليل الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الفترة من (1996- 2002م) أن ما ينفق على الباحث العربي سنوياً من الناتج القومي لا يتجاوز (24) أربعة وعشرين دولاراً في حين يصل إلى (124) مائة وعشرين دولاراً في الدول الصناعية، ويشير نفس الدليل أن الدول العربية تصرف أقل من 0.03% من ناتجها القومي على البحث العلمي والتطوير الأكاديمي، في حين نجد أن العالم الغربي (أوروبا وأمريكا) قد صرفت خلال عام 1996م فقط ما يقارب (417) أربعمائة وسبعة عشر بليون دولار، وهو ما يتجاوز 75% من الإنفاق المالي على البحث العلمي.
أما في مجال النشر العلمي فيشير التقرير أنه في الأعوام ما بين (2000- 2005م ) وصل عدد الأوراق المنشورة في دول العالم العربي ما يزيد قليلاً على (10.000) عشرة آلاف ورقة بحثية سنوياً، بينما بلغ ذلك في إسرائيل وحدها (67.000) ورقة بحثية( )، مما يشكل عامل إحباط للباحث العربي، ويدفع المفكرين والعلماء إلى البحث عن وطن بديل، في مقابل عوامل الجذب المغرية في بلاد المهجر الذي توفر له كافة الأدوات والمتطلبات لتحقيق طموحه العلمي، وتحسين وضعه المادي، واحترام ذاته وشخصه وعلمه.
ومن أشكال الإحباط النفسي والإداري أن يكون الأقل منه كفاءة وعلماً وخبرة هو المسؤول عن تسيير دفة العمل في المؤسسات التنموية والاستثمارية، وهو المسؤول عن برامج التخطيط في المراكز العلمية مثل الجامعات ومراكز الأبحاث وغيرها، الأمر الذي يجعل المسؤول غير المؤهل مدركاً للنقص الحقيقي في داخله، فيعتبر كل متميز وخبير عقبة في طريقه؛ لأن وجوده يظهر نقصه وخلله أمام الآخرين، فيلجأ إلى التخلص منه وإبعاده عن مصدر القرار، ولا يتيح له فرصة التخطيط أو التنفيذ، مما يحدث إحباطاً كبيراً في نفسيته ويجعله يفكر بجدية في ترك العمل والهجرة إلى بلاد المهجر.
4- - سيطرة النظام الاقتصادي الرأسمالي على جميع دول العالم:
ذلك أن المتابع للسياسات الاقتصادية العالمية يدرك ارتباط جميع دول العالم وبخاصة دول العالم الثالث والتي منها الدول العربية والإسلامية بمنظومة النظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث أدى هذا الارتباط بمركز النظام الرأسمالي العالمي في دول الغرب المصنعة إلى خلق علاقة تخلف وتبعية من قبل دول العالم الثالث للدول الصناعية المتقدمة، وفقاً لنظرية الأمة الغالبة والأمة المغلوبة، مما أدى إلى النظر إلى تلك الدول المتقدمة على أنها حلم كثير من أبناء الدول النامية، فهي تحمل مزايا فردية ضخمة للمهاجر، تجعله متميزاً عن أقرانه في وطنه الأصلي، خاصة في ظل التفكير الأناني الذي صنعته الحضارة المادية المعاصرة، والذي يدفع الفرد للسعي لتحقيق أعلى مستوى من الرفاه الخاص، بصرف النظر عن الرفاه الجمعي الذي يحقق المصلحة العامة للأمة.
ونتيجة لهذه السيطرة الرأسمالية على الع


الكفاءات العلمية،هجرة الكفاءات، المستوى العلمي والمهني، فرص العمل،دول المهجر.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


<p>الأستاذة الفاضلة سكنة جهية&nbsp; شكرا على هذا الموضوع الثري الذي يتناول هجرة الكفاءات العربية أو بما أسماه أحد الأساتذة بنزيف الأدمغة&nbsp; والذي يشهد من يوم لآخر تزيدا مستمرا ، واضافة إلى من ذكرتي من أسباب&nbsp; أضيف إذا سمحت شيئا في غاية الأهمية ويتعلق الأمر أساسا من التصور الذي تمكله المؤسسات الغربية والذي ينطلق من فكرة المشروع الذي يعتمد على رؤية&nbsp; ورسالة تلزم بها المؤسسات البحثية في الغرب وهوما نفتقده في عالمنا العربي على وجه الخصوص.&nbsp;</p>