في خضم التطورات الحديثة التي يشهدها العالم وتزايد حجم التداخل في المهام وتطور أفق التعاون بين المؤسسات داخل الدولة الواحدة وخارجها ونضوج فكرة التعاون العابر للأوطان وظهور نسيج متداخل من مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى في مختلف أوجه الحياة الانسانية، بدأ مهماً أن يكون ثمة أواصر قوية وصلات مستمرة وروابط متميزة تنظم طبيعة العلاقة القائمة ما بين المؤسسات العلمية بشكل عام والجامعات بشكل خاص وبين سائر مؤسسات المجتمع المدني. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو، ماذا نقصد بمؤسسات المجتمع المدني؟ وللإجابة على هذا السؤال نستطيع القول وباختصار إن هذه المؤسسات هي عبارة عن هيئات قانونية منظمة حرة ومستقلة تتبنى مبدأ العمل الطوعي الإنساني ولا تقصد من وراء نشاطها تحقيق الربح المادي ،وهي وفي جميع الحالات لا تكون جزء من مؤسسة حكومية وتتمتع بالشخصية القانونية بما يمكنها من تحقيق أهدافها.وقد اختلف الفقهاء في تسمية القطاع الذي تعمل فيه تلك المؤسسات فأطلق عليه البعض (القطاع غير الحكومي ) وسماه البعض الأخر ( القطاع غير الربحي ) واختار له آخرون اسماً أخر وأطلق عليه تسمية ( القطاع الثالث تميزاً له عن القطاعين العام والخاص ) في حين فضل آخرون تسميته (بالقطاع الأهلي ) ومهما اختلفت المسميات وتباينت الآراء حولها فان ذلك لا يغير من جوهر عمل هذه المؤسسات ، وهنا يمكن أن يثار تسائل أخر في هذا المجال والمتمثل بما يأتي: هل الجامعات تعد جزءً من مؤسسات المجتمع المدني أم لا ؟ وفي هذا الصدد يرى البعض أنها تعد مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ويستدلون في ذلك بأن تلك المؤسسات تضم النخب الأكاديمية والفئات والشرائح المثقفة وهي مؤسسات تقدم خدماتها للصالح العام وهي هيئات غير ربحية وغير سياسية، وفي جميع الأحوال يمكن أن نعد الجامعات والمعاهد الأهلية جزءً من العمل غير الحكومي ومن مؤسسات المجتمع المدني. في حين لا تزال الآراء حول إمكانية اعتبار الجامعات الحكومية جزءً من مؤسسات المجتمع المدني متباينة ولا يزال الخلاف قائما إلى يومنا هذا ولا يزال الفقه القانوني العربي والغربي مختلفاً في ذلك.
د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi | 14160